ثُمَّ خَرَجَ نُعَيْمٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي سُفْيَانَ وَمَضَى حَتَّى أَتَى قَوْمَهُ غَطَفَانَ، فَحَدَّثَهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَ بِهِ أَبَا سُفْيَانَ، وَحَذَّرَهُمْ مِمَّا حَذَّرَهُ مِنْهُ.
* * *
أَرَادَ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يَحْتَبِرَ بَنِي "قُرَيْظَةَ" فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ فَقَالَ لَهُمْ:
إِنَّ أَبِي يُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ قَدْ طَالَ حِصَارُنَا لِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ حَتَّى مَلِلْنَا …
وَإِنَّنَا قَدْ عَزَمْنَا عَلَى أَنْ تُقَاتِلَ مُحَمَّدًا وَنَفْرَغَ مِنْهُ … وَقَدْ بَعَثَنِي أَبِي إِلَيْكُمْ لِيَدْعُوكُمْ إِلَى مُنَازَلَتِهِ غَدًا.
فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ سَبْتٍ، وَنَحْنُ لَا نَعْمَلُ فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّنَا لَا تُقَاتِلُ مَعَكُمْ حَتَّى تُعْطُونَا سَبْعِينَ مِنْ أَشْرَافِكُمْ وَأَشْرَافِ غَطَفَانَ لِيَكُونُوا رَهَائِنَ عِنْدَنَا.
فَإِنَّنَا نَخْشَى إِنِ اشْتَدَّ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَنْ تُسْرِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَتَتْرُكُونَا لِمُحَمَّدٍ وَحْدَنَا … وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا به …
فَلَمَّا عَادَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى قَوْمِهِ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ بَنِي "قُرَيْظَةَ" قَالُوا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ: خَسِئ أَبْنَاءُ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ …
وَاللَّهِ لَوْ طَلَبُوا مِنَّا شَاةً رَهِينَةً مَا دَفَعْنَاهَا إِلَيْهِمْ …
نَجَحَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي تَمْزِيقِ صُفُوفِ الْأَحْزَابِ، وَتَفْرِيقِ كَلِمَتِهِمْ …
وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ وَأَحْلَافِهَا رِيحًا صَرْصَرًا عَاتِيَةً جَعَلَتْ تَقْتَلِعُ خِيَامَهُمْ، وَتَكْفَأُ (١) قُدُورَهُمْ، وَتُطْفِئُ نِيرَانَهُمْ، وَتَصْفَعُ وُجُوهَهُمْ، وَتَمْلَأُ عيونَهُمْ تُرَابًا …
(١) تكفأ قدورهم: تقلب قدورَهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute