فَقَالُوا: صَدَقْتَ، فَمَا الرَّأْيُ عِنْدَكَ؟!.
فَقَالَ: الرَّأْيُ عِنْدِي أَلَّا تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ حَتَّى تَأْخُذُوا طَائِفَةً مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَتَجْعَلُوهُمْ رَهَائِنَ عِنْدَكُمْ، وَبِذَلِكَ تَحْمِلُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ مُحَمَّدٍ مَعَكُمْ إِلَى أَنْ تَنْتَصِرُوا عَلَيْهِ، أَوْ يَفْنَى آخِرُ رَجُلٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ …
فَقَالُوا: أَشَرْتَ … وَنَصَحْتَ …
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَأَتَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ قَائِدَ قُرَيْشٍ وَقَالَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي لَكُمْ، وَعَدَاوَتِي لِمُحَمَّدٍ …
وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَمْرٌ فَرَأَيْتُ حَقًّا عَلَى أَنْ أُفْضِيَ بِهِ (١) إِلَيْكُمْ؛ نُصْحًا لَكُمْ عَلَى أَنْ تَكْتُمُوهُ، وَلَا تُذِيعُوهُ عَنِّي …
فَقَالُوا: لَكَ عَلَيْنَا ذَلِكَ …
فَقَالَ: إِنَّ بَنِي "قُرَيْظَةَ" قَدْ نَدِمُوا عَلَى مُخَاصَمَتِهِمْ لِمُحَمَّدٍ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَقُولُونَ: إِنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا فَعَلْنَا … وَعَزَمْنَا أَنْ نَعُودَ إِلَى مُعَاهَدَتِكَ وَمُسَالَمَتِكَ …
فَهَلْ يُرْضِيكَ أَنْ نَأْخُذَ لَكَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ رِجَالًا كَثِيرًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَنُسْلِمَهُمْ إِلَيْكَ لِتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ …
ثُمَّ نَنْضَمَّ إِلَيْكَ فِي مُحَارَبَتِهِمْ حَتَّى تَقْضِيَ عَلَيْهِمْ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَقُولُ: نَعَمْ …
فَإِنْ بَعَثَتِ الْيَهُودُ تَطْلُبُ مِنْكُمْ رَهَائِنَ مِنْ رِجَالِكُمْ فَلَا تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَحَدًا …
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: نِعْمَ الْحَلِيفُ أَنْتَ … وَجُزِيتَ خَيْرًا …
(١) أُفْضي به إليكم: أطلعكم عَلَيْهِ.