للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ظَهْرَانَيْهِمْ (١) لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ. وَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ كَلِمَةٍ حَاسِمَةٍ رَشِيدَةٍ مُشْرِقَةٍ بِهَدْيِ الْقُرْآنِ تَئِدُ الْفِتْنَةَ فِي مَهْدِهَا (٢)، وَتُنِيرُ لِلْحَائِرِينَ الطَّرِيقَ.

فَانْطَلَقَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ فَمِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ.

إِذِ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ … إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَيَكُونُ خَلِيفَتُهُ مُهَاجِرًا مِثْلَهُ …

وَإِنَّا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللهِ ، فَنَكُونُ أَنْصَارًا لِخَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَأَعْوَانًا لَهُ عَلَى الْحَقِّ.

ثُمَّ بَسَطَ (٣) يَدَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: هَذَا خَلِيفَتُكُمْ فَبَايِعُوهُ.

* * *

وَقَدْ غَدَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِفَضْلِ الْقُرْآنِ وَتَفَقُّهِهِ فِيهِ وَطُولِ مُلَازَمَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ مَنَارَةً (٤) لِلْمُسْلِمِينَ … يَسْتَشِيرُهُ خُلَفَاؤُهُمْ فِي الْمُعْضِلَاتِ (٥)، وَيَسْتَفْتِيهِ عَامَّتُهُمْ فِي الْمُشْكِلَاتِ، وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي الْمَوَارِيثِ خَاصَّةً؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ - إِذْ ذَاكَ - مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ بِأَحْكَامِهَا وَأَحْذَقُ مِنْهُ فِي قِسْمَتِهَا؛ فَقَدْ خَطَبَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ "الْجَابِيَةِ" (٦) فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْقُرْآنِ فَلْيَأْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ …

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفِقْهِ فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ (٧)

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْمَالِ فَلْيَأْتِ إِلَيَّ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ جَعَلَنِي عَلَيْهِ وَالِيًا، وَلَهُ قَاسِمًا …

* * *


(١) مسجَّى بين ظهرانيهم: مُغطًّى لم يُدفنُ بَعْدُ.
(٢) تَئِدُ الفتنة في مهدها: تدفنها وهي ما زالت صغيرة.
(٣) بَسَط يده: مَدَّ يده.
(٤) منارةً: مرشدًا للمسلمين وهاديًا لهم.
(٥) المعضلات: الأمور التي يصعب حلُّها.
(٦) الجابية: قرية غربي دمشق اجتمع فيها عُمَر بن الْخَطَّاب مع الصّحابة للتداول في شئون الفتح، وخطب فيها خطبته المشهورة فَسُمي ذلك اليوم بيوم الجابِيَةِ.
(٧) معاذ بن جبل: انظره ص ٤٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>