للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(اكْتُبْ يَا زَيْدُ)، فَيَكْتُبُ.

فَإِذَا بِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَتَلَقَّى الْقُرْآنَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، آنًا فَآنًا (١) فَيَنْمُو مَعَ آيَاتِهِ … وَيَأْخُذُهُ رَطْبًا طَرِيًّا مِنْ فَمِهِ مَوْصُولًا بِأَسْبَابِ نُزُولِهِ، فَتُشْرِقُ نَفْسُهُ بِأَنْوَارِ هِدَايَتِهِ … وَيَسْتَنِيرُ عَقْلُهُ بِأَسْرَارِ شَرِيعَتِهِ …

وَإِذَا بِالْفَتَى الْمَحْفُوظٍ يَتَخَصَّصُ بِالْقُرْآنِ، وَيَغْدُو الْمَرْجِعَ الْأَوَّلَ فِيهِ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

فَكَانَ رَأْسَ مَنْ جَمَعُوا كِتَابَ اللهِ فِي عَهْدِ الصِّدِّيقِ …

وَطَلِيعَةً مَنْ وَعَدُوا مَصَاحِفَهُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ (٢).

أَفَبَعْدَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مَنْزِلَةٌ تَسْمُو إِلَيْهَا الْهِمَمُ؟! …

وَهَلْ فَوْقَ هَذَا الْمَجْدِ مَجْدٌ تَطْمَحُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ؟!.

* * *

وقَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ أَنَارَ لَهُ سُبُلَ الصَّوَابِ فِي الْمَوَاقِفِ الَّتِي يَحَارُ فِيهَا أُولُو الْأَلْبَابِ (٣) … فَفِي يَوْمِ السَّقِيفَةِ (٤) اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ يَخْلِفُ رَسُولَ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ …

فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: فِينَا خِلَافَةُ رَسُولِ اللهِ وَنَحْنُ بِهَا أَوْلَى.

وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ: بَلْ تَكُونُ الْخِلَافَةُ فِينَا وَنَحْنُ بِهَا أَجْدَرُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْآخَرُ: بَلْ تَكُونُ الْخِلَافَةُ فِينَا وَفِيكُمْ مَعًا …

فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ إِذَا اسْتَعْمَلَ وَاحِدًا مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ قَرَنَ مَعَهُ (٥) وَاحِدًا مِنَّا.

وَكَادَتْ تَحْدُثُ الْفِتْنَةُ الْكُبْرَى، وَنَبِيُّ اللهِ مَا زَالَ مُسَجًّى بَيْنَ


(١) آنًا فانًا: شيئًا فشيئًا، ووقتًا بعد وقت.
(٢) عثمان بن عفان: انظره ص ٥٣٥.
(٣) أُولو الألباب: أصحاب العقول.
(٤) السقيفة: هي سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع المسلمون بعد وفاة الرسول ليتفاوضوا في شأن الخلافة.
(٥) قرن معه: جَمَعَ معه وضمَّ إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>