للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَقَدْ رَأَى عَبَّادٌ - خِلَالَ الْمَعَارِكِ الَّتِي لَمْ يُحَقِّقِ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا نَصْرًا يُذْكَرُ - مِنْ تَوَاكُلِ الْأَنْصَارِ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَتَوَاكُلِ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ مَا شَحْنَ (١) صَدْرَهُ أَسًى وَغَيْظًا، وَسَمِعَ مِنْ تَنَابُزِهِمْ (٢) مَا حَشَا سَمْعَهُ جَمْرًا وَشَوْكًا، فَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَا نَجَاحَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْمَعَارِكِ الطَّاحِنَةِ إِلَّا إِذَا تَمَيَّزَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَنِ الْآخَرِ لِيَتَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّتَهُ وَحْدَهُ …

وَلِيُعْلَمَ الْمُجَاهِدُونَ الصَّابِرُونَ حَقًّا.

* * *

وَفِي اللَّيْلَةِ الَّتِي سَبَقَتِ الْمَعْرَكَةَ الْحَاسِمَةَ رَأَى عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فِيمَا يَرَاهُ النَّائِمُ أَنَّ السَّمَاءَ انْفَرَجَتْ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ فِيهَا ضَمَّتْهُ إِلَيْهَا وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ بَابَهَا …

فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ بِرُؤْيَاهُ، وَقَالَ:

وَاللهِ إِنَّهَا الشَّهَادَةُ يَا أَبَا سَعِيدٍ.

* * *

فَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ وَاسْتُؤْنِفَ الْقِتَالُ، عَلَا عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ نَشَزًا (٣) مِنَ الْأَرْضِ وَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ تَمَيَّزُوا مِنَ النَّاسِ …

وَاحْطِمُوا جُفُونَ (٤) السُّيُوفِ …

وَلَا تَتْرُكُوا الْإِسْلَامَ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِكُمْ (٥)

وَمَا زَالَ يُرَدِّدُ ذَلِكَ النِّدَاءَ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْهُمْ عَلَى


(١) شحن صدره: ملأ صدره.
(٢) تنابُزهم: تعيير بَعُضهم لبعْض.
(٣) نَشَزًا من الْأَرْضِ: مكانًا مرتفعًا من الْأَرْضِ.
(٤) جفون السيوف: أغماد السّيوف.
(٥) يُؤْتَى من قِبَلِكُم: يصابُ من ناحيتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>