للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَلَمَّا نَشِبَتْ حُرُوبُ الرِّدَّةِ نَفَر (١) الطُّفَيْلُ فِي طَلِيعَةِ جَيْش الْمُسْلِمِينَ لِحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرٌو … وَفِيمَا هُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى "الْيَمَامَةِ" رَأَى رُؤْيَا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا فَعَبِّرُوهَا لِي.

فَقَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ؟.

قَالَ: رَأَيْتُ أَنَّ رَأْسِي قَدْ حُلِقَ، وَأَنَّ طَائِرًا خَرَجَ مِنْ فَمِي، وَأَنَّ امْرَأَةً أَدْخَلَتْنِي فِي بَطْنِهَا، وَأَنَّ ابْنِي عَمْرًا جَعَلَ يَطْلُبُنِي حَثِيثًا لَكِنَّهُ حِيلَ (٢) بَيْنِي وَبَيْنَهُ.

فَقَالُوا: خَيْرًا …

فَقَالَ: أَمَّا أَنَا - وَاللَّهِ - لَقَدْ أَوَّلْتُهَا:

أَمَّا حَلْقُ رَأْسِي فَذَلِكَ أَنَّهُ يُقْطَعُ …

وَأَمَّا الطَّائِرُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ فَمِي فَهُوَ رُوحِي …

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي أَدْخَلَتْنِي فِي بَطْنِهَا فَهِيَ الْأَرْضُ تُحْفَرُ لِي فَأُدْفَنُ فِي جَوْفِهَا … وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أُقْتَلَ شَهِيدًا …

وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي لِي فَهُوَ يَعْنِي أَنَّهُ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ الَّتِي سَأَحْظَى بِهَا - إِذَا أَذِنَ اللَّهُ - لَكِنَّهُ يُدْرِكُهَا فِيمَا بَعْدُ.

* * *

وَفِي مَعْرَكَةِ "الْيَمَامَةِ" أَبْلَى الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ أَعْظَمَ الْبَلَاءِ، حَتَّى خَرَّ صَرِيعًا شَهِيدًا عَلَى أَرْضِ الْمَعْرَكَةِ.

وَأَمَّا ابْنُهُ عَمْرُو فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى أَثْخَنَتْهُ (٣) الْجِرَاحُ وَقُطِعَتْ كَفُّهُ الْيُمْنَى


(١) نَفَرَ: خرج للقتال.
(٢) حِيلَ بيني وبينَه: وُضِعَ حائلٌ بيني وبينه فلم يدخل معي.
(٣) أثخنته الجراح: أضعفته وأَوْهَنَت قواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>