للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَا رَسُولَ اللَّهِ: اجْعَلْنَا مَيْمَنَتَكَ (١) فِي كُلِّ غَزْوَةٍ تَغْزُوهَا، وَاجْعَلْ شِعَارَنَا: "مَبْرُورٌ".

قَالَ الطُّفَيْلُ:

ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْعَثْنِي إِلَى "ذِي الْكَفَّيْنِ" صَنَم عَمْرِو بْنِ حَمَمَةَ حَتَّى أَحْرِقَهُ … فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ ؛ فَسَارَ إِلَى الصَّنَمِ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ قَوْمِهِ.

فَلَمَّا بَلَغَهُ، وَهَمَّ بِإِحْرَاقِهِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ وَالْأَطْفَالُ يَتَرَبَّصُونَ (٢) بِهِ الشَّرَّ، ويَنْتَظِرُونَ أَنْ تَصْعَقَهُ صَاعِقَةٌ إِنْ هُوَ نَالَ "ذَا الْكَفَّيْنِ" بِضُرٍّ. لَكِنَّ الطُّفَيْلَ أَقْبَلَ عَلَى الصَّنَمِ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ عُبَّادِهِ … وَجَعَلَ يُضْرِمُ النَّارَ فِي فُؤَادِهِ … وَهُوَ يَرْتَجِزُ:

يَا ذَا الْكَفَيْنِ لَسْتُ مِنْ عُبَّادِكَا

مِيلَادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلَادِكَا

إِنِّي حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَا

وَمَا إِنِ الْتَهَمَتِ النَّارُ الصَّنَمَ حَتَّى الْتَهَمَتْ مَعَهَا مَا تَبَقَّى مِنَ الشِّرْكِ فِي قَبِيلَةِ" دَوْسٍ"؛ فَأَسْلَمَ الْقَوْمُ جَمِيعًا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ.

* * *

ظَلَّ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ مُلَازِمًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ.

وَلَمَّا آلَتِ الْخِلَافَةُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ، وَضَعَ الطُّفَيْلُ نَفْسَهُ وَسَيْفَهُ وَوَلَدَهُ فِي طَاعَةِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ .


(١) ميمنتك: جناح جيشك الأيمن.
(٢) يتربصون به الشّر: ينتظرون أن يُصيبه الشَّرُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>