للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يَوْمَئِذٍ يَسْتَقْبِلُ رَبِيعَهُ السَّابِعَ عَشَرَ؛ فَقَدْ كَانَ يَضُمُّ بَيْنَ بُرْدَيْهِ (١) كَثِيرًا مِنْ رَجَاحَةِ الْكُهُولِ (٢)، وَحِكْمَةِ الشُّيُوخِ.

فَلَمْ يَكُنْ - مَثَلًا - يَرْتَاحُ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِدَاتُهُ (٣) مِنْ أَلْوَانِ اللَّهْوِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَصْرِفُ هَمَّهُ إِلَى بَرْيِ (٤) السِّهَامِ، وَإِصْلَاحِ الْقِسِيِّ (٥)، وَالتَّمَرُّسِ بِالرِّمَايَةِ حَتَّى لَكَأَنَّهُ كَانَ يُعِدُّ نَفْسَهُ لِأَمْرٍ كَبِيرٍ.

وَلَمْ يَكُنْ - أَيْضًا - يَطْمَئِنُّ إِلَى مَا وَجَدَ عَلَيْهِ قَوْمَهُ مِنْ فَسَادِ الْعَقِيدَةِ وَسُوءِ الْحَالِ، حَتَّى لَكَأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ أَنْ تَمْتَدَّ إِلَيْهِمْ يَدٌ قَوِيَّةٌ حَازِمَةٌ حَانِيَةٌ؛ لِتَنْتَشِلَهُمْ مِمَّا يَتَخَبَّطُونَ فِيهِ مِنْ ظُلُمَاتٍ.

* * *

وَفِيمَا هُوَ كَذَلِكَ شَاءَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ يُكْرِمَ الْإِنْسَانِيَّةَ كُلَّهَا بِهَذِهِ الْيَدِ الْحَانِيَةِ الْبَانِيَة.

فَإِذَا هِيَ يَدُ سَيِّدِ الْخَلْقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

وَفِي قَبْضَتِهَا الْكَوْكَبُ الْإِلَهِيُّ الَّذِي لَا يَخْبُو:

كِتَابُ اللَّهِ الْكَرِيمُ …

فَمَا أَسْرَعَ أَنِ اسْتَجَابَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاص لِدَعْوَةِ الْهُدَى وَالْحَقِّ؛ حَتَّى كَانَ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ أَسْلَمُوا مِنَ الرِّجَالِ أَوْ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ.

وَلِذَا كَثِيرًا مَا كَانَ يَقُولُ مُفْتَخِرًا:

لَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ.

* * *


(١) بُرْديه: ثوبيه.
(٢) رجاحة الْكهول: عقل الْكهول ورصانتهم.
(٣) لِدَاته: المماثلون له في السّنّ.
(٤) بري السِّهام: إعدادها وإصلاحُها.
(٥) الْقِسيُّ: الأقواسُ التي يُرْمى بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>