للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذَلِكَ نُعَيْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ النَّجَّارِيُّ … فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ:

يَا نُعَيْمَانُ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، وَابْنُ أَخِي، وَإِنْ يَكُنْ رَسُولُ الله سَاخِطًا عَلَيْهِ الْيَوْمَ فَسَيَرْضَى عَنْهُ يَوْمًا، فَكُفَّ عَنْهُ …

وَمَا زَالَ بِهِ (١) حَتَّى رَضِيَ بِأَنْ يَكُفَّ عَنِّي، وَقَالَ:

لَا أَعْرِضُ لَهُ بَعْدَ السَّاعَةِ.

* * *

وَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ "بِالْجُحْفَة" (٢) جَلَسْتُ عَلَى بَابِ مَنْزِلِهِ، وَمَعِي ابْنِي جَعْفَرٌ قَائِمًا، فَلَمَّا رَآنِي - وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَنْزِلِهِ - أَشَاحَ (٣) عَنِّي بِوَجْهِهِ، فَلَمْ أَيَّأَسْ مِنِ اسْتِرْضَائِهِ، وَجَعَلْتُ كُلَّمَا نَزَلَ فِي مَنْزِلٍ أَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ، وَأُقِيمُ ابْنِي جَعْفَرًا وَاقِفًا بِإِزَائِي (٤)، فَكَانَ إِذَا أَبْصَرَنِي الرَّسُولُ أَعْرَضَ عَنِّي.

وَبَقِيتُ عَلَى ذَلِكَ زَمَانًا، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيَّ الأَمْرُ وَضَاقَ؛ قُلْتُ لِزَوْجَتِي:

وَاللَّهِ لَيَرْضَيَنَّ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ أَوْ لَآخُذَنَّ بِيَدَيِ ابْنِي هَذَا، ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ هَائِمَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ جُوعًا وَعَطَشًا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُول الله رَقَّ لي … وَلَمَّا خَرَجَ مِنْ قُبَّتِهِ نَظَرَ إِلَيَّ نَظَرًا أَلْيَنَ مِنَ النَّظَرِ الْأَوَّلِ، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَبْتَسِمَ.

* * *

ثُمَّ دَخَلَ الرَّسُولُ مَكَّةَ فَدَخَلْتُ فِي رِكَابِهِ، وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَخَرَجْتُ أَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ لَا أُفَارِقُهُ عَلَى حَالٍ.


(١) ما زال به: ما زال يُلحُّ عليه.
(٢) الْجُحفة: مكان عَلَى الطريق بين المدينة ومكة، يبعُدُ عن مكة أربع مراحل.
(٣) أشاح عني بوجهه: أمال وجهه وأعرض عني.
(٤) بإزائي: بجانبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>