للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا أَحْدَثُوهُ مِنْ فِتْنَةٍ.

فَنَظَرَ "النَّجَاشِيُّ" إِلَى بَطَارِقَتِهِ، فَقَالَ الْبَطَارِقَةُ:

صَدَقَا - أَيُّهَا الْمَلِكُ - .... فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَبْصَرُ بِهِمْ وَأَعْلَمُ بِمَا صَنَعُوا، فَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ لِيَرَوْا رَأْيَهُمْ فِيهِمْ. فَغَضِبَ الْمَلِكُ غَضَبًا شَدِيدًا مِنْ كَلَامِ بَطَارِقَتِهِ وَقَالَ:

لَا وَاللَّهِ، لَا أُسْلِمُهُمْ لِأَحَدٍ حَتَّى أَدْعُوهُمْ، وَأَسْأَلَهُمْ عَمَّا نُسِبَ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولُ هَذَانِ الرَّجُلَانِ أَسْلَمْتُهُمْ لَهُمَا، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ حَمَيْتُهُمْ وَأَحْسَنْتُ حِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي (١).

* * *

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ثُمَّ أَرْسَلَ "النَّجَاشِيُّ" يَدْعُونَا لِلِقَائِهِ.

فَاجْتَمَعْنَا قَبْلَ الذَّهَابِ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ:

إِنَّ الْمَلِكَ سَيَسْأَلُكُمْ عَنْ دِينِكُمْ فَاصْدَعُوا (٢) بِمَا تُؤْمِنُونَ بِهِ، وَلْيَتَكَلَّمْ عَنْكُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَلَا يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ.

قَالَتْ أُم سَلَمَةَ: ثُمَّ ذَهَبْنَا إِلَى "النَّجَاشِيِّ" فَوَجَدْنَاهُ قَدْ دَعَا بَطَارِقَتَهُ، فَجَلَسُوا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَدْ لَبِسُوا طَيَالِسَتَهُمْ (٣)، وَاعْتَمَرُوا (٤) قَلَانِسَهُمْ، وَنَشَرُوا كُتُبَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ....

وَوَجَدْنَا عِنْدَهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ.

فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ الْتَفَتَ إِلَيْنَا "النَّجَاشِيُّ" وَقَالَ:


(١) ما جاوروني: ما داموا يرغبون في حمايتي.
(٢) فاصدعوا: فاجْهَرُوا.
(٣) طَيَالِسَتَهُم: الطّيالسة جمع طيلسان وهو كساءٌ أخضرُ يلبسه الأشراف ورجال الدّين.
(٤) اعتمروا قلانسهم: وضعوها على رؤوسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>