ثَرَاءً … لَكِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَعَلَ ذَلِكَ الْمَالَ كُلَّهُ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ وَمَرْضَاةِ رَسُولِهِ ﷺ، فَكَانَ يُنْفِقُهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَسِرًّا وَإِعْلَانًا …
حَيْثُ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَم مِنَ الْفِضَّةِ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ذَهَبًا … ثُمَّ تَصَدَّقَ بِمِائَتَي أُوقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ ....
ثُمَّ حَمَلَ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى خَمْسِمِائَةِ فَرَسٍ، ثُمَّ حَمَلَ مُجَاهِدِينَ آخَرِينَ عَلَى أَلْفِ وَخَمْسِمِائَةِ رَاحِلَةٍ.
وَلَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ الْوَفَاةُ أَعْتَقَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ مَمَالِيكِهِ.
وَأَوْصَى لِكُلِّ رَجُلٍ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ "بَدْرٍ" بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ ذَهَبًا، فَأَخَذُوهَا جَمِيعًا، وَكَانَ عَدَدُهُمْ مِائَةٌ.
وَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَالٍ جَزِيلٍ؛ حَتَّى إِنَّ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا - كَثِيرًا مَا كَانَتْ تَدْعُو لَهُ فَتَقُولُ:
سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ مَاءِ السَّلْسَبِيلِ (١).
ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ خَلَّفَ لِوَرَثَتِهِ مَالًا لَا يَكَادُ يُحْصِيهِ الْعَدُّ …
حَيْثُ تَرَكَ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَمِائَةَ فَرَسٍ، وَثَلَاثَةَ آلَافِ شَاةٍ، وَكَانَتْ نِسَاؤُهُ أَرْبَعًا فَبَلَغَ رُبُعُ الثُّمُنِ الَّذِي خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا.
وَتَرَكَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا قُسْمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ بِالْفُؤُوسِ حَتَّى تَأَثَّرَتْ أَيْدِي الرِّجَالِ مِنْ تَقْطِيعِهِ.
كُلُّ ذَلِكَ بِفَضْلِ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي مَالِهِ.
* * *
(١) السلسبيل: عينٌ فِي الْجَنَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute