للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْ آيبَةً (١) إِلَيْهَا تَحْمِلُ لِأَهْلِهَا الْبُرَّ (٢)، وَالدَّقِيقَ، وَالدُّهْنَ، وَالثِّيَابَ وَالْآنِيَةَ، وَالطِّيبَ، وَكُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ …

وَتَنْقُلُ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِمْ مِمَّا يُنْتِجُونَهُ.

* * *

وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ قَدِمَتْ عِيرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَتْ مُؤَلَّفَةً مِنْ سَبْعِمِائَةِ رَاحِلَةٍ … نَعَمْ سَبْعُمِائَةِ رَاحِلَةٍ … وَهِيَ تَحْمِلُ عَلَى ظُهُورِهَا الْمِيرَةَ (٣)، وَالْمَتَاعَ، وَكُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ.

فَمَا إِنْ دَخَلَتِ الْمَدِينَةَ حَتَّى رُجَّتِ الْأَرْضُ بِهَا رَجًّا، وَسُمِعَ لَهَا دَوِيٌّ وَضَجَّةٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا: مَا هَذِهِ الرَّجَّةُ؟ فَقِيلَ لَهَا: عِيرٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ … سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ تَحْمِلُ الْبُرَّ، وَالدَّقيقَ، وَالطَّعَامَ.

فَقَالَتْ عَائِشَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا:

بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيمَا أَعْطَاهُ فِي الدُّنْيَا، وَلَثَوَابُ الْآخِرَةِ أَعْظَمُ.

* * *

وَقَبْلَ أَنْ تَبْرُكَ النُّوقُ، كَانَ الْخَبَرُ قَدْ نُقِلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَمَا إِنْ لَامَسَتْ مَقَالَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ سَمْعَهُ حَتَّى طَارَ مُسْرِعًا إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ:

أُشْهِدُكِ يَا أَمَّهْ أَنَّ هَذِهِ الْعِيرَ جَمِيعَهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَقْتَابِهَا (٤) وَأَحْلَاسِهَا (٥) في سَبيلِ الله.

* * *

بَقِيَتْ دَعْوَةُ الرَّسُولِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِأَنْ يُبَارِكَ اللهُ لَهُ تُظَلِّلُهُ مَا امْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ، حَتَّى غَدًا أَغْنَى الصَّحَابَةِ غِنًى وَأَكْثَرَهُمْ


(١) آيبة: عائدة.
(٢) البُرُّ: القمح.
(٣) المِيرَة: الطَّعامُ.
(٤) الأقتاب: الرِّحال الَّتي توضع عَلَى ظهور الْجمال.
(٥) الأحْلاس: كُلُّ مَا يوضَعُ عَلى ظهر الدابَّة تحت الرِّحال والسُّروج.

<<  <  ج: ص:  >  >>