للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَفِي يَوْمِ "مُؤْتَةَ" جَاهَدَ أُسَامَةُ تَحْتَ لِوَاءِ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَسِنُّهُ دُونَ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ، فَرَأَى بِعَيْنِيهِ مَصْرَعَ أَبِيهِ، فَلَمْ يَهِنْ (١) وَلَمْ يَتَضَعْضَعْ، وَإِنَّمَا ظَلَّ يُقَاتِلُ تَحْتَ لِوَاءِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (٢) حَتَّى صُرِعَ عَلَى مَرْأَى مِنْهُ وَمَشْهَدٍ، ثُمَّ تَحْتَ لِوَاءِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ حَتَّى لَحِقَ بِصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ تَحْتَ لِوَاءِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَتَّى اسْتَنْقَذَ الْجَيْشَ الصَّغِيرَ مِنْ بَرَاثِنِ (٣) الروم.

* * *

ثُمَّ عَادَ أُسَامَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ مُحْتَسِبًا أَبَاهُ عِنْدَ اللهِ، تَارِكًا جَسَدَهُ الطَّاهِرَ عَلَى تُخُومِ الشَّامِ، وَرَاكِبًا جَوَادَهُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ.

* * *

وَفِي السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ لِلْهِجْرَةِ، أَمَرَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ بِتَجْهِيزِ جَيْشِ لِغَزْوِ الرُّومِ، وَجَعَلَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ (٤)، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ (٥) وَغَيْرَهُمْ مِنْ جِلَّةِ (٦) الصَّحَابَةِ، وَأَمَّرَ عَلَى الْجَيْشِ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ لَمْ يُجَاوِزِ الْعِشْرِينَ بَعْدُ … وَأَمَرَهُ أَنْ يُوطِئَ الْخَيْلَ تُخُومَ "الْبَلْقَاءِ" وَ "قَلْعَةَ الدَّارُوم"، الْقَرِيبَةَ مِنْ "غَزَّةَ" مِنْ بِلَادِ الرُّومِ.

وَفِيمَا كَانَ الْجَيْشُ يَتَجَهَّزُ، مَرِضَ رَسُولُ اللهِ ، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَرَضُ، تَوَقَّفَ الْجَيْشُ عَنِ الْمَسِيرِ انْتِظَارًا لِمَا تُسْفِرُ عَنْهُ حَالُ رَسُولِ الله .

قَالَ أُسَامَةُ: "وَلَمَّا ثَقُلَ عَلَى نَبِيِّ اللهِ الْمَرَضُ، أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَأَقْبَلَ النَّاسُ معي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ صَمَتَ فَمَا يَتَكَلَّمُ مِنْ وَطْأَةِ (٧) الدَّاءِ، فَجَعَلَ


(١) فلم يهن: فلم يضعف.
(٢) جعفر بن أبي طالب: انظره ص ٢٥٧.
(٣) براثن الرُّوم: مخالب الرُّوم.
(٤) سعد بن أبي وقاص: انظره ص ٢٨١.
(٥) أَبُو عُبَيْدَةَ بْن الْجَرَّاح: انظره ص ٨٩.
(٦) جلة الصحابة: شيوخ الصحابة.
(٧) من وطأة الدّاء: من ثقل المرض وشدته.

<<  <  ج: ص:  >  >>