للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ الْبَشَرَةِ أَفْطَسَ الْأَنْفِ شَدِيدَ الشَّبَهِ بِأُمِّهِ الْحَبَشِيَّةِ.

لَكِنَّ الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مَا كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُبِّ، فَكَانَ يَأْخُذُ أُسَامَةَ فَيَضَعُهُ عَلَى إِحْدَى فَخِذَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْحَسَنَ فَيَضَعُهُ عَلَى فَخِذِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا مَعًا إِلَى صَدْرِهِ وَيَقُولُ:

(اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا).

وَقَدْ بَلَغَ مِنْ حُبِّ الرَّسُولِ لأُسَامَةَ أَنَّهُ عَثَرَ ذَاتَ مَرَّةٍ بِعَتَبَةِ الْبَابِ فَشُجَّتْ جَبْهَتُهُ، وَسَالَ الدَّمُ مِنْ جُرْحِهِ؛ فَأَشَارَ النَّبِيُّ لِعَائِشَةَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا أَنْ تُزِيلَ الدَّمَ عَنْ جُرْحِهِ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهَا لِذَلِكَ.

فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَمُصُّ شَجَّتَهُ، وَيَمُجُ الدَّمَ وَهُوَ يُطَيِّبُ خَاطِرَهُ بِكَلِمَاتٍ تَفِيضُ عُذُوبَةً وَحَنَانًا.

* * *

وَكَمَا أَحَبَّ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أُسَامَةَ فِي صِغَرِهِ فَقَدْ أَحَبَّهُ فِي شَبَابِهِ، فَلَقَدْ أَهْدَى حَكِيمُ بْنُ حَزَامٍ (١) أَحَدُ سَرَاةِ (٢) قُرَيْشٍ لِرَسُولِ اللهِ حُلَّةً ثَمِينَةً شَرَاهَا مِنَ "الْيَمَنِ" بِخَمْسِينَ دِينَارًا ذَهَبًا كَانَتْ "لِذِي يَزَنٍ" أَحَدِ مُلُوكِهِمْ.

فَأَبَى رَسُولُ اللهِ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا، وَأَخَذَهَا مِنْهُ بِالثَّمَنِ …

وَقَدْ لَبِسَهَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، ثُمَّ خَلَعَهَا عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو بَيْنَ أَتْرَابِهِ مِنْ شُبَّانِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

* * *


(١) حكيم بن حزام: انظره ص ٣٣٧.
(٢) السَّراة بفتح السين: الأشراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>