اللهِ؛ فَلْيَخْتَرِ الْمُسْلِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ).
* * *
مَضَى الْجَيْشُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى "مَعَانَ" بِشَرْقِيِّ الْأُرْدُنِّ …
فَهَبَّ "هِرَقْلُ" مَلِكُ الرُّومِ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ لِلدِّفَاعِ عَنِ "الْغَسَاسِنَةِ"، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَنَزَلَ هَذَا الْجَيْشُ الْجَرَّارُ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ مَوَاقِعِ الْمُسْلِمِينَ.
بَاتَ الْمُسْلِمُونَ في "مَعَانَ" لَيْلَتَيْنِ يَتَشَاوَرُونَ فِيمَا يَصْنَعُونَ.
فَقَالَ قَائِلٌ: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَنُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنَا وَنَنْتَظِرُ أَمْرَهُ.
وَقَالَ آخَرُ: وَاللهِ - يَا قَوْمُ - إِنَّنَا لَا نُقَاتِلُ بِعَدَدٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، وَإِنَّمَا نُقَاتِلُ بِهَذَا الدِّينِ …
فَانْطَلِقُوا إِلَى مَا خَرَجْتُمْ لَهُ …
وَقَدْ ضَمِنَ اللهُ لَكُمُ الْفَوْزَ بِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ:
إِمَّا الظَّفَرُ … وَإِمَّا الشَّهَادَةُ.
ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ عَلَى أَرْضِ "مُؤْتَةَ"، فَقَاتَلَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالًا أَذْهَلَ الرُّومَ وَمَلأَ قُلُوبَهُمْ هَيْبَةً لِهَذِهِ الْآلَافِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَصَدَّتْ لِجَيْشِهِمُ الْبَالِغِ مِائَتَيْ أَلْفٍ.
وَجَالَدَ (١) زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ جِلادًا لَمْ يَعْرِفُ لَهُ تَارِيحُ الْبُطُولَاتِ مَثِيلًا، حَتَّى خَرَّقَتْ جَسَدَهُ مِئَاتُ الرِّمَاحِ؛ فَخَرَّ صَرِيعًا يَسْبَحُ فِي دِمَائِهِ.
(١) جالد جلادًا: ضرب بالسيف ضربًا، قاتل قتالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute