للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ الله فِي بَيْتِي، فَقَرَعَ الْبَابَ، فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ عُرْيَانًا - لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ - وَمَضَى إِلَى الْبَابِ يَجُرُّ ثَوْبَهُ؛ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ …

وَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ" (١).

وَقَدْ شَاعَ أَمْرُ حُبِّ النَّبِيِّ لِزَيْدٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَفَاضَ (٢)، فَدَعَوْهُ "بِزَيْدِ الْحُبِّ"، وَأَطْلَقُوا عَلَيْهِ لَقَبَ "حِبِّ" (٣) رَسُولِ اللهِ؛ وَلَقَبُوا ابْنَهُ أُسَامَةَ (٤) مِنْ بَعْدِهِ بِحِبِّ رَسُولِ اللهِ وَابْنِ حِبِّهِ.

* * *

وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ شَاءَ اللهُ - تَبَارَكَتْ حِكْمَتُهُ - أَنْ يَمْتَحِنَ الْحَبِيبَ بِفِرَاقِ حَبِيبِهِ.

ذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بَعَثَ الْحَارِثُ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَزْدِيَّ بِكِتَابٍ إِلَى مَلِكِ "بُصْرَى" يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْحَارِثُ "مُؤْتَةَ" بِشَرْقِيِّ الْأَرْدُنِّ، عَرَضَ لَهُ أَحَدُ أُمَرَاءِ "الْغَسَاسِنَةِ" شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو فَأَخَذَهُ، وَشَدَّ عَلَيْهِ وثَاقَهُ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يُقْتَلْ لَهُ رَسُولٌ غَيْرُهُ.

فَجَهَّزَ جَيْشًا مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ مُقَاتِلٍ لِغَزْوِ "مُؤْتَةَ"، وَوَلَّى عَلَى الْجَيْشِ حَبِيبَهُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَقَالَ: (إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَتَكُونُ الْقِيَادَةُ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (٥)، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرُ كَانَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ عَبْدُ


(١) انظر جامع الأصول: ١٠/ ٢٥، وقد أخرجه الترمذي.
(٢) استفاض: ذاع وانتشر.
(٣) الْحِب - بكسر الحاء -: المحبوب.
(٤) أسامة بن زيد: انظره ص ٢١٩.
(٥) جعفر بن أبي طالب: انظره ص ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>