للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَكَانَ إِذَا عَرَضَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمْرٌ أَوْ وَاجَهَتْهُ مُعْضِلَةٌ (١) دَعَا جِلَّةَ (٢) الصَّحَابَةِ وَدَعَا مَعَهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَإِذَا حَضَرَ رَفَعَ مَنْزِلَتَهُ وَأَدْنَى مَجْلِسَهُ وَقَالَ لَهُ:

لَقَدْ أَعْضَلَ عَلَيْنَا أَمْرٌ أَنْتَ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ.

وَقَدْ عُوتِبَ مَرَّةً فِي تَقْدِيمِهِ لَهُ وَجَعْلِهِ مَعَ الشُّيُوخِ، وَهُوَ مَا زَالَ فَتًى، فَقَالَ:

إِنَّهُ فَتَى الْكُهُولِ، لَهُ لِسَانٌ سَؤُولٌ وَقَلْبٌ عَقُولٌ.

* * *

عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ انْصَرَفَ إِلَى الْخَاصَّةِ لِيُعَلِّمَهُمْ وَيُفَقِّهَهُمْ، لَمْ يَنْسَ حَقَّ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَعْقِدُ لَهُمْ مَجَالِسَ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ.

فَمِنْ مَوَاعِظِهِ قَوْلُهُ مُخَاطِبًا أَصْحَابَ الذُّنُوبِ:

يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لَا تَأْمَنْ عَاقِبَةَ ذَنْبِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ نَفْسِهِ.

فَإِنَّ عَدَمَ اسْتِحْيَائِكَ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِكَ وَعَلَى شِمَالِكَ وَأَنْتَ تَقْتَرِفُ (٣) الذَّنْبَ لَا يَقِلُّ عَن الذَّنْبِ.

وَإِنَّ ضَحِكَكَ عِنْدَ الذَّنْبِ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ.

وَإِنَّ فَرَحَكَ بِالذَّنْبِ إِذَا ظَفِرْتَ بِهِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ.


(١) الْمعضلة: الْمشكلة الصّعبة.
(٢) حِلّة الصّحابة: شيوخ الصّحابة ومتقدموهم.
(٣) تقترف الذَّنب: ترتكب الذّنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>