للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ، خَرَجَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِضَيْفِهِ الدَّاعِيَةِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ؛ لِيَلْقَى جَمَاعَةً مِنْ بَنِي "عَبْدِ الْأَشْهَلِ"، وَيَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، فَدَخَلَا بُسْتَانًا مِنْ بَسَاتِينِ بَنِي "عَبْدِ الْأَشْهَلِ"، وَجَلَسَا عِنْدَ بِئْرِهَا الْعَذْبَةِ فِي ظِلَالِ النَّخِيلِ.

فَاجْتَمَعَ عَلَى مُصْعَبٍ جَمَاعَةٌ قَدْ أَسْلَمُوا وَآخَرُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْمَعُوا، فَانْطَلَقَ يَدْعُو وَيُبَشِّرُ، وَالنَّاسُ إِلَيْهِ مُنْصِتُونَ، وَبِرَوْعَةِ حَدِيثِهِ مَأْخُوذُونَ.

* * *

فَجَاءَ مَنْ أَخْبَرَ أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ، وَسَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ (١) - وكَانَا سَيِّدَيِ "الْأَوْسِ" (٢) - بِأَنَّ الدَّاعِيَةَ الْمَكِّيَّ قَدْ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ دِيَارِهِمَا، وَأَنَّ الَّذِي جَرَّأَهُ عَلَى ذَلِكَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ.

فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ:

لَا أَبَا لَكَ (٣) يَا أُسَيْدُ، انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الْفَتَى الْمَكِّيِّ الَّذِي جَاءَ إِلَى بُيُوتِنَا لِيُغْرِيَ (٤) ضُعَفَاءَنَا، وَيُسَفِّهَ آلِهَتَنَا، وَازْجُرْهُ (٥)، وَحَذِّرْهُ مِنْ أَنْ يَطَأَ دِيَارَنَا بَعْدَ الْيَوْمِ.

ثُمَّ أَرْدَفَ يَقُولُ: وَلَوْلَا أَنَّهُ فِي ضِيَافَةِ ابْنِ خَالَتِي أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَأَنَّهُ يَمْشِي فِي حِمَايَتِهِ لَكَفَيْتُكَ ذَلِكَ.

* * *

أَخَذَ أُسَيْدٌ حَرْبَتَهُ، وَمَضَى نَحْوَ الْبُسْتَانِ، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مُقْبِلًا قَالَ لِمُصْعَبٍ:


(١) سَعْدِ بْنِ مُعَاذ بْن النُّعْمَان بْن امرئ الْقَيْس الْأَوْسِي الْأَنْصَارِي: صحابي من الْأبطال، حمل لِوَاء قومه يوم بَدْر وشهد أُحُدًا فكان ممن ثبت فيها، ومات متأثرًا بجرحه في يوم الخندق.
(٢) الأوس: قبيلة يمانية ارتحلت هي وأختها "الخزرج" إلى المدينة بعد خراب سَدٌ مأرب، واستقرت فيها.
(٣) لا أبا لك: كلمة تقال في الذّم والمدح، والمراد بها هنا المدح.
(٤) ليغري ضعفاءنا: ليحض ضعفاءنا عَلَى الْإسلام ويزينه لهم.
(٥) ازجره: امنعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>