للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ تَنَاهَتْ (١) إِلَى أَبِي ذَرٍّ - وَهُوَ فِي بَادِيَتِهِ - أَخْبَارُ النَّبِيِّ الْجَدِيدِ الَّذِي ظَهَرَ في مَكَّةَ، فَقَالَ لِأَخِيهِ "أَنِيسٍ":

انْطَلِقْ - لَا أَبَا لَكَ (٢) - إِلَى مَكَّةَ، وَقِف عَلَى أَخْبَارِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يَأْتِيهِ وَحْيٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِ وَاحْمِلْهُ إِلَيَّ.

* * *

ذَهَبَ "أَنِيسٌ" إِلَى مَكَّةَ، وَالْتَقَى بِالرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْبَادِيَةِ فَتَلَقَّاهُ أَبُو ذَرٍّ فِي لَهْفَةٍ، وَسَأَلَهُ عَنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ الْجَدِيدِ فِي شَغَفٍ (٣).

فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ - وَاللَّهِ - رَجُلًا يَدْعُو إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَيَقُولُ كَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ.

فَقَالَ لَهُ: وَمَاذَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ؟.

فَقَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّهُ سَاحِرٌ، وَكَاهِنٌ، وَشَاعِرٌ.

فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَاللَّهِ مَا شَفَيْتَ لِي غَلِيلًا (٤)، وَلَا قَضَيْتَ لِي حَاجَةً، فَهَلْ أَنْتَ كَافٍ عِيَالِي حَتَّى أَنْطَلِقَ فَأَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ؟.

فَقَالَ: نَعَمْ … وَلَكِنْ كُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ.

* * *

تَزَوَّدَ أَبُو ذَرٍّ لِنَفْسِهِ، وَحَمَلَ مَعَهُ قِرْبَةَ مَاءٍ صَغِيرَةً، وَاتَّجَهَ مِنْ غَدِهِ إِلَى مَكَّةَ يُرِيدُ لِقَاءَ النَّبِيِّ ، وَالْوُقُوفَ عَلَى خَبَرِهِ بِنَفْسِهِ.

* * *


(١) تناهت إليه الأخبار: بلغته.
(٢) لا أبا لك: كلمة تقال في المدح والذّم، والمراد بها هنا المدح.
(٣) في شغف: في شوق.
(٤) الغليل: العطش.

<<  <  ج: ص:  >  >>