الإعراب وإنما هو مقام القول على أوائل أصول هذا الكلام وكيف بديءَ وإلى م نمي. وهو كتاب يتساهم ذوو النظر من المتكلمين والفقهاء والمتفلسفين والنحاة والكتاب والمتأدبين تأملاً له والبحث عن مستودعه فقد وجب أن يخاطب كل إنسان منهم بما يعتاده ويأنس به ليكون لهم سهم منه.
وقد ألفه بعد أن أناف عمره على الستين كما أشار إليه عند قوله: ومن ظريف حديث هذا الخاطر أنني كنت منذ زمن طويل رأيت رأياً جمعت فيه بين معنى آية ومعنى قول الشاعر:
وكنت أمشي على رجلين معتدلاً ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر
ولم أثبت حينئذ ضشرح حال الجمع بينهما ثقة بحضوره متى استحضرته ثم إني إلى الآن وقد مضي لي ستون أعاني الخاطر وأستمده وأعانيه وأتورده على أن يسمح لي بما كان رأيته من الجمع بين معنى الآية والبيت به وهو معتاص منأب وصنين به غير معط.
والكتاب مشتمل على أبواب شتى يصعب إيرادها لكثرتها وهاك شيئاً مما اشتملت عليه بعض الأبواب مما له علاقة بأهل الآداب. ذكر في باب القول على إجماع أهل العربية حتى يكون حجة: اعلم أن إجماع أهل البلدين إنما يكون حجة إذا أعطاك خصمك يده أن لا تخالف المنصوص والمقيس على المنصوص فإما أن لم يعط يده بذلك فلا يكون إجماعهم حجة عليه ثم قال إلا أننا مع هذا الذي رأيناه وسوغنا مرتكبه لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التي قد طال بحثها وتقدم نظرها وتتالت أواخر على أوائل وإعجازاً على كلاكل. . . إلا بعد أن يناهضه إتقاناً ويباينه عرفاناً ولا يخلو إلى سائح خاطره ولا إلى نزوة من نزوات تفكره فإذا هو حذاها على هذا المثال وباشر بإنعام تصفحه أضاء الحال أمضى الرأي فيما يريه الله منه غير معازبه ولا غاض من السلف رحمهم الله في شيء منه فإنه إذا فعل ذلك سدد رأيه وشيع خاطره وكان الصواب مئنة ومن التوفيق مظنة وقد قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ما على الناس شيءٌ أضر من قولهم ما ترك الأول للآخر شيئاً وقال أبو عثمان وإذا قال العالم قولاً متقدماً فللمتعلم الاقتداء به والانتصار له والاحتجاج بخلافه إذا وجد إلى ذلك سبيلاً وقال الطائي الكبير: