والإنكليز. كما أني أعجب كثيراً من إغفاله بالزاك وفلوبر وزلا والأخوان غونكور وغيرهم من زعماء مذهب الحقيقيين (ريالزم) وصرفه صفحات الكتاب جزافاً للأدباء الخياليين (رومانتيست) مع أننا في زمان أحوج فيه إلى الهبوط من ثريا الخيال المزوق إلى ثرى الحقيقة المريرة وأن يتعلم القصصيون عندنا من زولا والشعراء من كوبه والمؤلفون من فلوبر كيف يصرفون الأشهر الطويلة والليالي الليلاء الباردة في أعماق المناجم وزوايا القصور وأطراف المعابد وأبواب الحانات ليقفوا على سرائر طبقات الهيئة الاجتماعية ويطلعوا الأمة على ويلاتها وأدوائها وجروحها كما هي لاسيما وهم يريدون أن تكون وهم خلف منضداتهم مرتاحون يتلاعبون بالعقول كما تشاء السياسة طوراً ويغشون القراء بما توحيه أهواؤهم تارة.
وفي الكتاب غير اقتضاب تراجم المشاهير وإغفال البحث في مذاهبهم الأدبية تساهل لغوي في المفردات والتراكيب مثل استعمال مرسح والصحيح مسرح وصبحية والصواب صبيحة ومواضيع بدل موضوعات وإثباته اسم ألفرد موسي كما يستعمله الفرنج دوسوسيه وقوله مذهب المحققين وأحسن أن نقول مذهب الحقيقيين وقوله قبل قطعة الدرس الأخير لألفونس دوده وقد دعاني لكتابة هذا وكان الأولى أن يقول إلى تعريب هذا وقوله المؤلف الرئيسي وهذا تعبير لا نعرفه العرب وتأنيسه الرأس بقوله رأسه الصلعاء وقوله حارب ضد لويس بونابارت حيث كان يقال ناضل عنه وتكريره كلمة هذا في قوله يتلألأ في كبدها بنور (هذا) المولود الذي اختاره القادر ليقبض على صولجان (هذا) الملك الفخم فما كان (لهذا) الشعب الصارخ إلا أن صمت واستكان لظهور (هذا) المولود.
والكتاب جيد الطبع يقع في مائتي صفحة.
محب الدين الخطيب
كتاب خصائص اللغة العربية
في أصول العربية للإمام أبي الفتح عثمان بن جني. هذا الإمام ممن اشتهر بالإجادة بالتأليف وأشهر مؤلفاته هذا الكتاب وهو كتاب تعرض فيه لأصول العربية على نحو أصول الكلام والفقه أبان فيه ما أودعته هذه اللغة من خصائص الحكمة ونيطت به من علائم الإتقان والصنعة وقد قال في أثنائه: أن هذا الكتاب ليس مبنياً على حديث وجوب