قامت الاجتماعات البشرية الأولى على مناسبات طبيعية منشؤها روابط عصبية وميل إلى أرض واحدة واتحاد في العادات واجتماع على أسباب المعاش ولم تتألف لأول أمرها إلا من أسرات منفردة ثم تقارب بعضها من بعض فتألفت جماعات جدد. وما احتيج في العقود الزوجية بادئ بدء إلى أقامة الحفلات لأن الرجل والمرأة كانا يعملان كلاهما أعمالاً شاقة تضطرهما إلى جهاد متواصل ويختلطان أكثر من اختلاطهما اليوم. وما كان يطلب من النساء ما يطلب منهن على عهد التمدن الحديث أو ما يطلبنه لأنفسهن فيه من أساليب الظرف والكمال فإن هذا كله لم يكن في تلك الأدوار معروفاً كما لا يشاهد الآن في العناصر المنحطة من البشر. وكان بين الرجال والنساء من التماذج الذي يسقط دونه التمايز والنساء هن صلة القربى والأبناء ينسبون لأمهاتهم.
ثم حدثت رغبة التزاوج بزوجة فنشأ من ذلك الزواج بالبيع أي ببيع حقيقي عند الشعوب الأولى وبالبيع في الظاهر فيما بعد ثم نظم الزواج بأنواع التنظيم المختلف. فتيسر بذلك للأغنياء وزعماء القبائل أن يأخذوا عدة زوجات ونشأ من أجل ذلك الضر بعد أن كان الأبناء يدعون لأمهاتهم. وما زال الضر أي تعدد الزوجات شائعاً في آسيا وأفريقية وذلك للعادة المتبعة في تسليم الأعمال اليدوية للنساء بحيث يكون منهن أعظم مساعد وينتفع بجهادهن أحسن انتفاع.
الطر وإن كان من طبيعته جائراً فهو خطوة نحو التقدم إذا قيس بما كان البشر يألفونه من قبل من نسبة الابن لأمه وذلك لأن الأب والأم معروفان فيه. فقويت درجات القرابة أكثر من ذي قبل وغدا من السهل على الناظر إذا رجع إلى الماضي أن يأتي بسلسلة متصلة من الأبناء ونشأت من احترام الأجداد ولاسيما في الشرق عبادة خاصة ما زالت في بعض أنحائه على قوتها.
جرت عادة الشعوب الآرية منذ عهد بعيد أن تقتصر على زوجة واحدة وكان من نتائج هذه العادة إكرام المرأة واحترام حريتها ورضاها كل الاحترام وحل الشعور بالحب محل توحش القرون الأولى وأصبحت المرأة ملكة في بيت زوجها وإن تكن مستعبدة من حيث الأخلاق. وحدث من عواقب الاقتصار على واحدة من النساء في أوروبا نظام الأسرات ففرضت على كلا الزوجين واجبات كثيراً ما كانت موضع المناقشة وقد تعدل فيقبلها الرأي العام