كتب رئيس تحرير المجلة الباريزية مقالة في هذا الموضوع قال فيها أن السعادة مادة حياتنا وقائد لها وهي تتزيا بأشكال منوعة وإنا إذا رأينا ما يبذله أهل الأرواح الشريفة من الهمم يتراءى لنا أن رغبتهم في أن يعيشوا في شقاء ولكن إذا أمعنا في استقراء أعمالهم نراهم يرمون إلى نيل سعادة أرقى. الغاية العامة من العلم الأدب والغاية الخاصة تخليص الحقيقة من الحوادث والعواطف. المؤُ مدين بكل ما فيه للأجيال الغابرة وهذا دين عليه يجب عليه أداؤه لن يأتي بعده وعلى المرء فروض يجب عليه القيام بها نحو الأموات ونحو الأحياء وهذا واجب يتحتم عليه في أعماله وأفكاره فقد علمه الاختبار أن سعادته ليست إلا نتيجة سعادة مشتركة فهو مخلوق على مثال الأجيال السالفة وهو تابع للإنسانية التي تحيط به. إذا عاد المجتمع إلى عهد اللصوصية واختل نظامه فإن سعادة المرء الخاصة تضمحل في السعادة الاجتماعية وكل احتياط صحي يأتيه المرء يفيد المجموع كما أن صحته مناطة بما يقوم به المجموع من أساليب الصحة العامة والأمثلة كثيرة على أن التكافل مشترك والعلاقة مؤكدة بين مصالحنا الخاصة ومصالح المجموع فليس لامريءٍ حق أن يستمتع بالخيرات التي هي ثمرة عمل الآخرين دون أن يساعد بنفسه وعلى قدر طاقته على رفع منار السعادة وعلم الأمن والسلام.
ليس الأدب أو الأخلاق إلا بعض فكرنا نستطيع أن نصوره أو نقلبه على الصورة المؤلفة منها عناصره. يقول بعضهم أن الأخلاق غريزية في المرء وليست كسبية ولو صح قولهم لكانت الأديان والتربية لغواً لا فائدة منها ولكان على الناس أن يغلقوا المعابد والمدارس أيضاً. نعم إن السعادة مناطة بشعورنا الأدبي والذكاء والسعادة يسيران معاً على خط متوازٍ يتجليان أنهما متشابهان وهما متخالفان جوهراً وعرضاً فالذكاء لا يؤثر في السعادة إلا بالواسطة وذلك بتجهيز حياتنا بسلاح ماض وبالتأثير في أخلاقنا وميولنا.
قال أغوست كونت مؤسس الفلسفة الحسية أن كمالنا الأدبي يعيننا على سعادتنا الحقيقية مباشرة من دون أدنى ريب أكثر مما يعيدنا غيره. وقال الفيلسوف ديكارت صاحب الفلسفة الحديثة: كل من عاش عيشة لا يوبخه عليها وجدانه ولم يقصر في القيام بكل ما يراه