إلى تلسمان باستدعاء صاحبها فلم يُقِم بها، ثم استدعاه عبد العزيز بفاس فمات قبل قدومه فقُبض عليه ثم خَلُص فسار إلى مراكش، وتنقَّلت به الأحوال إلى أن رجع إلى تونس سنة ثمانين فأكرمه سلطانها فسعوا به عند السلطان إلى أن وجد غفلةً ففرّ إلى المشرق وذلك في شعبان سنة أربع وثمانين، ثم ولى قضاء المالكية بالقاهرة، ثم عُزل وولى مشيخة البيبرسية ثم عُزل عنها، ثم ولى القضاء مرارًا كان آخرُها في رمضان من هذه السنة فباشره ثمانية أيام فأدركه الأجل.
وكان ممن رافق العسكر إلى تمرلنك وهو مفصول عن القضاء، واجتمع بتمرلنك فأعجبه كلامه وبلاغته وحُسْن توسله إلى أن خلصه الله من يده.
وصنَّف "التاريخ الكبير" في سبع مجلدات ضخمة ظهرت فيه فضائله وأبان فيه عن براعته، ولم يكن مطلعا على الأخبار على جليتها لاسيما أخبار الشرق وهو بين لمن نظر في كلامه، وكان لايتزيا بزى القضاة بل هو مستمر على طريقته في بلاده. مات في خامس عشري رمضان.
قال لسان الدين بن الخطيب في تاريخ غرناطة:"رجل فاضل جمّ الفضائل، رفيع القدر، أصيل المجد، وقور المجلس، عالى الهمة، قوى الجأش، متقدم في فنون عقلية ونقلية، متعدد المزايا، شديد البحث، كثير الحفظ، صحيح التصوّر، بارع الخط، حسن العشرة، مفخرة من مفاخر المغرب" قال هذا كله في ترجمته، والمذكور في حد الكهولة.
قال العينتابي في ترجمة ابن خلدون:"مات فجأة بعد أن أعيد إلى القضاء بثلاثة أيام، وكان دينًا فاضلًا صاحبَ أخبار ونوادر ومحاضرة حسنة، وله تاريخ مليح، وكان يُتَّهمَ بأُمور قبيحة" كذا قال.