استأهلت حياته المباركة أن يضع فيها تلميذه العالم المؤرخ شمس الدين السخاوى كتابا حفيلا؛ تحدث فيه عن مراحل حياته، وأطوار عمره وأَحداث دهره.
كما يعد كتابه "إنباءُ الغمر بأَنباء العمر" وهو الذي تعنى لجنة إحياءِ التراث بنشره - صورة صادقة لذلك العصر، ومرآة صافية انعكست عليها أحداثه وسير رجاله؛ جمع فيه من الحوادث وأخبار الأعيان من الرجال، ما وقع بين سنتى ٧٧٣ و ٨٥٠ هـ، وهى السنة التي توفّى بعدها بعامين؛ اعتمد فيها - كما ذكره في صدر الكتاب - على تاريخ ناصر الدين بن الفرات وصارم الدين بن دقماق والتقى الفاسي ونظرائهم، وعلى العلماءِ الذين لقيهم في أَسفاره، وخالطهم في حَلِّه وترحاله، ثم على ما عرفه من مزاولة المناصب التي تولاها، وأَضاف إلى ذلك كما ذكره الأُستاذ الدكتور المحقق ما أَفاده من "معرفته الشخصية لبعض السلاطين؛ معرفة ترقى إلى حد الصداقة والمجالسة، واستشارتهم إياه فيا أبهم عليهم وأغلق من أُمور السياسة ذات الصلة بالشرع؛ حتى لقد أَخذ بعض الأَخبار عنهم؛ ناسبًا كل خبر إلى مصدره، وبذلك توفَّرت له المادة التاريخية التي هيّأَتها له دراسته العميقة للأَحاديث الشريفة ورجالاتها".
وقد كان هذا الكتاب منذ صدر عن مؤلفه من المراجع الهامة في بابه، يصبو الباحثون إلى مطالعته، وتتعلق الآمال بنشره، ولا يُعرَف عنه إلا شذرات يسيرة مما يَنقل عنه من جاءَ بعده، كالسيوطيّ والسخاويّ وابن إياس؛ كما ظلت مخطوطاته محفوظة في دور الكتب؛ لا يعرفها إلَّا القليل من الخبراءِ بنوادر الكتب ونفائس المخطوطات؛ إلى أَن انتدب