للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تتبّعوا سائر الكنائس، وحكم بأنها من الحجارة الجديدة لكونها محدثة وليس لهم الإعادة إلّا بالمثل أو دونه، وفعل ذلك بجميع ما بالبلدين، وحصل على جميع الطوائف من أهل الذّمة من الإهانة والتغريم مالا مزيد عليه، وأظهر الملكية محضرًا يتضمّن الإذن لهم في عمارتها بعد الحريق الكائن في سنة ثلاثين وسبعمائة من القاضي جلال الدين القزويني قاضي الديار المصرية في الدولة النّاصرية، وتاريخ المحضر سنة ٣٤، فوقع في ذلك نزاع كبير، وانفصل الأمر على أنّ كل ما حكم فيه نائب الشافعي يكمله على مقتضى مذهبه، وما عدا ذلك يتولى الحكم فيه القاضي المالكيّ بنفسه.

وفي الخامس من المحرّم أدُّعِيَ عند القاضي صدر الدين بن روق على طائفة من اليهود القرّائين بأنّ بحارة زويلة دارًا تعرف بدار ابن سميح كانت مرصدةً لتعليم أطفال اليهود وسكنًا لهم فأحْدَثوها كنيسة (١) ولها حدود أربعة: القبلي إلى خربة فاصلة بينها وبين دارٍ تعرف بأولاد الجابي، والبحري إلى دارٍ تجرى في ملك بوسعيد النصراني، والشرقي إلى سكن إبراهيم العَلاف، والغربيّ بعضه إلى دار شموال الناقد وفيه الباب، فأشهد عليه أنه ثبت عنده بشهادة من أعْلَم له مضمونه المحضر المذكور وحكم بموجب ما قامت به البينة في تاريخه، وكان نصّ شهادة من أعلم له: "شهد بمضْمُونه عبد الرازق بن محمد بن شعيب الشهير بالجنيدي كتب بخطه، وأعلم أنه، شهد عندي بذلك، ومثله عبد الله بن يوسف بن ناصر الشريف البقلي وكتب عنه وأعلم له، ليشهد بذلك، ومثله جلال الدين محمد بن علي بن عبد الوهاب بن القماط، ومثله دادو بن عبد الله بن عبد الكريم"، وزادوا بأن الدار المذكورة تسمى دار ابن سميح وليست بكنيسة قديمة، وشهد عليُّ بن محمد القوصوني أن الدار المذكورة تعرف بدار ابن سميح وأنها كانت معدّة لتعليم الأطفال وأعلم له، شهد بذلك، ومحمد بن أبي بكر بن محمد بن عضاة وأنها ليست بكنيسة قديمة وأنها كانت معدّةً لتعليم الأطفال اليهود وكتب عنه، وأعلم له، شهد عندي بذلك، وشهد بمثل ذلك نحو عدد المذكورين" ثم اتصل ذلك بأفضل الدين محمود بن سراج الدين القرمي، ونفذ حكم صدر الدين في السّادس من المحرّم.

ثم ادّعى عند نور الدين بن البرقي علَى جماعةٍ من اليهود أن الدارَ المذكورة أعلاه كانت مرصدةً لتعليم الأطفال اليهود القرائين ومسكنًا لهم، ثم اتّخذوها كنيسة عن قريب، وأنها


(١) علق أحد قراء نسخة هـ في هامشها على ذلك بقوله "كنيسة يهود مثل التي في القدس".