إن الهلال إذا رأيتَ نموه … أيْقَنتَ أن سيصير بدرًا كاملًا
وَلَقَّبَه شهابَ الدين، وأجازَ له أن يروى عنه شرح البخاري، والكتب الخمسة، ومشيخة إجازة مُعَيّنة، وذلك في جمادى الآخرة سنة ٧٨٢.
وسمع بدمشق من ابن رجب، وابن المحبّ، وبَحَلب من ابن المرحّل، ثم رحل إلى القاهرة، وذلك في سنة ثمانٍ وثمانين، وسمع بحلب ودمشق، ثم قطن القاهرة وقُرر في درْس الحنابلة بالمدرسة الظاهريّة البرقوقية أوّل ما فُتِحَتْ بعد أنْ كان درّس قبله فيها لأهل الحديث الشيخ زاده العجمي، وكان يحفظ قطعة كبيرة من البخاري ويسردها مع فنون كثيرة.
وكان صاهر الأقصرائي، وأنجب ولده الشيخ محب الدين إمام السلطان الان، ولازم الشيخُ محبّ الدين الشيخين سراج الدين بن الملقّن، وسراج الدين البُلقيني، وسمع العزّ أبا اليمن بن الكُوَيك وغيره ولم يمعن، والعجب أنه لم يلازم حافظ الدنيا في وقته شيخنًا العراقي، وهو المشار إليه في علم الحديث، مع دعواه أنه محدّث. وكان يدرس منظومته الألفية.
ثم ناب في الحكم مدة، ثم وليه استقلالًا مرّتين: الأولى بعد موت علاء الدين الحموي، وقد تقدَّم بيانُ ذلك في الحوادث مفصّلًا. وكانت وفاته بعلّة القُولَنْج وكان يعتريه به أحيانًا ويرتفع، وفى هذه العلّة استمر أكثر من ستّين يومًا إلى أن مات بعد طلوع الفجر صبيحة يوم الأربعاء النصف من جمادى الأولى (١)، وقد أقام في الولاية الثانية ثلاث عشرة سنة.
ومن الاتفاقات أنني كنتُ أنظر في ليلة الأحد - ثاني عشر جمادى الأولى - في دُمْيَةِ القصر للبَاخَرزِي، فمررْت في ترجمة المظفّر بن علي أن له هذه الأبيات يرثى بها:
(١) في هامش هـ بخط البقاعي: "الذي عندي: جمادى الآخرة وصححت عليه والله أعلم".