للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكور بما يدلّ على استمراره (١) على الطاعة، فاطمأن لذلك، ثم أظهر العصيان وكاتب النّواب فما أطاعة أحد، وواطأ بعض أهل القلعة ورشاهم بجملة من المال، ففطن بهم نائب القلعة (٢) فقبض عليهم وقتلهم، وهرب واحد منهم فأعلمه، فاستغاث أهل القلعة بالعوامّ وسألوهم النصر فانتحوا واجتمعوا ورجموا (٣) من يحاصر القلعة بالحجارة، وخربوا المكان الذي صعده رماتُه ليرموا على القلعة فهزموهم، وهجموا على دار العدل فهرب (٤) النائب لا يلوى على شيء، ونهبوا ما وجدوا، ولم يَصلْ معه سوي مائة فارس، فخرج من باب أنطاكية ليس معه إلّا ماهو لابسه، وأُخِذ له ولأتباعه من الأموال ما يفوق الوصف، وظهرت له ودائع كثيرة فاستخرجت، واستمر هو في ذهابه، إلى أن وصل إلى شَيْزَر، فنزل علَى عَليِ بن صقلسيز التركماني فآواه، وجمع له جمعا وتوجّهوا إلى طَرابُلس، وكان نائبها جلبان استشعر من تغرى بَرْمُش أنه يشاققه، فأخلى له طرابلس وتوجّه إلى الرّمْلة، فدخل تغرى بَرْمُش طرابلس وأخذ منها أموالًا وخيولًا، وتوجّه قاصدًا إينال الجكمي بدمش فحاصروا حماة، وانضم إليهم جمْع من التركمان [كانوا] مع عَلِي يار، وجَمْع من العرب مع العادية، ثم اجتمع رأيهم على الرجوع إلى حلب، فنازلوها وحاصروها في العشرين من شوال فاستعدّوا للحصار.

وجَدَّ تغرى بَرْمُش ومن معه في حصار أهل حلب، وجدّوا هم في مدافعته، وعاث مَنْ معه في القرى فانتهبوها، وفي غالب الأيام يستظهر أهل حلب ويقتلون من عدّوهم جماعة، ثم حاصر المدينة من جهة الميدان سواء، ولكن خربت أماكن وأحرقت بَانْقوسَا (٥)، ولم يزالوا كذلك إلى أن خرج أهل حلب فصدقوهم الحملة فانهزموا واستمرّوا إلى جهة الشمال فنزلوا مَرْج دابق.


(١) في هامش هـ بخط البقاعي: "لعله تغرى برمش".
(٢) كان نائب قلعة حلب إذ ذاك هو الأمير خطط.
(٣) في هامش هـ بخط البقاعي: "هذا الكلام اوله فى الجكمي، وآخره في تغرى برمش فكأنه سقط شيء.
(٤) جاء في هامش هـ بخط البقاعى التعليق التالي: "أخبرنى القاضي محب الدين كاتب السر أن هرب تغرى برمش كان يوم الأربعاء عاشر شهر رمضان وأن في ذلك اليوم اتفق أن أهل سرمين جمعوا على استاداره وهجموا عليه في مكانه الذي هو فيه وكان في بلدهم وقد ظلمهم، وكان ذلك ليلا فوقف بعض جماعته يكلمهم ويسألهم عن مرادهم ولم يزل يشغلهم بالكلام حتى وجد الاستادار فرصة فأجرى فرسا سابقا أعده للهرب ففاتهم لأنهم ظنوه غيره ثم عرفوا أنه هو بعد حين فاجروا وراءهم ففاتهم. وفي ذلك اليوم بعينه اتفق أن أهل ملطية قاموا على أخي تغرى برمش وكان نائبا عندهم فطردوه من البلد فلم يسمع بأغرب من هذا الكلام. فسبحان من هو على كل شيء قدير".
(٥) انظر ياقوت: معجم البلدان ومراصد الاطلاع ١/ ١٥٨ حيث وردت الاشارة إلى أن كلمة "بانقوسا" تطلق على جبال في ظاهر مدينة حلب من جهة الشمال وكانت هذا المتسمية تطلق في القرن الرابع عشر الميلادى (الثامن الهجرى) على محلة كبيرة. انظر أيضا. ٤١٧. Le - Strange : Palestine Under the Moslems، p