للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن عمر الشِّيشينى فأخبر أنه رأى الهلال، وكان المحتسب حاضرًا، وكانوا كتبوا الورق على العادة يتضمن عدم الرؤية، وجُهِّزت إلى السلطان فقلت للمحتسب: "استصحب هذا معك"، فتوجه به فذكر أنه صمّم على أنه رآه، فسأل السلطان عنه فأثنوا عليه لكونه يَقرُب لجليس السلطان ولى الدين بن قاسم، فأَمر بالعمل بما يقتضيه الشَّرع، فحكم الحنبلىٌ بمقتضى شهادته ونودى فى الناس بالصيام، وذُكِر أن الناس بعد عدة ثلاثين تراؤا الهلال ليلة الإثنين فلم يروه ولم يجئ أحد من البلاد يخبر برؤيته ليلة الأحد، لكن نحن اعتمدنا على حكم الحنبلى وأكملنا العدة ثلاثين، ولم نتعرض للترائى؛ ومن زعم أن الناس خرجوا للتراثى فقد وهم وإنَّما شاع أن بعض الناس تراءى فلم ير شيئًا، واتفق أن غالب الجهات المتباعدة وكثيرًا من المتقاربة عيَّدُوا يوم الإثنين.

وكان وفاءُ النيل فى الثامن عشر من ذي الحجة فصادف أنه أول (١) يوم من مسرى، وكان في العام الماضى تأخر إلى العُشر الأخير منه، فبسبب ذلك التأخير وهذا الإسراع وقع الوفاءُ فى أوّل العام وفي آخره (٢)، ولكن لزم منه أنه لم يقع في العام المقبل وفاءٌ بل تأخَّر إلى أن دخل العامُ الذي يليه فصار في العام الواحد الوفاءُ مرتين، وخلا عن العام الذي يليه وهو من النوادر.

* * *

وفيها كانت لإينال الأَجْرُود النَّائب بالرها وقعة مع التركمان، وسببها أن بعض أتباعه كان في تسيير خيله، فوقف لطائفة منهم فصار بهم فقتل منهم، فخرج إينال نجدة لهم فخرج عليه كمينُهم فوقع بينهم قتالٌ، فقتل بين الطائفتين جماعة، ودخل إينال المرقب فبلغ ذلك السلطانَ، فكتب إلى نائب حلب قَرْقُمَاس أن يتوجّه بالعسكر إلى الرها، وكتب إلى سائر الممالك الشامية أنهم إن تحققوا نزول قرايلك على الرها أن يتقدّموا بعساكرهم إلى اللحاق بقرقماس لقتال قرايلك.


(١) إذا أخذنا بما ورد في جدول السنين في التوفيقات الإلهامية، ص ٤١٩، كان أول مسرى يعادل يوم ١٧ من ذى الحجة ٨٣٧.
(٢) راجع ما سبق حاشية رقم ٢ ص ٥١٠.