للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ربيع الأول عملت مكحلة (١) - لرمى المنجنيق - من نحاس، وزنُها مائةٌ وعشرون قنطارًا بالمصرى ونُصِبَت خارج باب القرافة، ورموا بها إلى جهة الجبل بأحجار زنةُ بعضِها قدرُ ستمائة رطل.

وفيه وصلت كتُبٌ من دِمياط بأنَّه هبت بها رياحٌ عاصفة فتقَّصفت نخيل كثيرة وتلفت أشجار الموز وقصب السكر من الصّقيع، وانهدمت عدة دور، وفزع الناس من شدة الربح حتى خرجوا إلى ظاهر البلد، وسقطت صاعقةٌ فأحرقت شيئًا كبيرًا، ثم نزل المطر فدام طويلا.

وفيها وقع بمكَّة سيلٌ عظيم طبَّق ما بين الجبلين، وانهدمت بمكة دورٌ كثيرة، ووصل الماء إلى قرب باب الكعبة، وطاف بعضُ الناس سبحًا، وأقام الماء يومًا بالحرم إلى أن صُرف، وفاضت زمزم.

قرأت في كتاب على بن إبراهيم الإبّى (٢) الزِّبيدى نزيل مكة: "لما كان في ليلة الحادي والعشرين من جمادى الأُولى وقع بمكة مطر غزير سالت به الأودية، وكانت ليلة الجمعة فأصبحوا وقد صار في المسجد ارتفاعُ أربعةِ أذرع، فأُزيلت عتبة باب إبراهيم فخرج الماء من المسقلة فبقى من الطين في المسجد نحو نصف ذراع، وتهدَّمت في تلك الليلة دور كثيرة، ومات تحت الروم جماعة".


(١) أمامها في هامش هـ"بخط البقاعى:"لا يصح أبدًا أن المكحلة تكون علبة لرمى المنجنيق ولا جامع بينهما إلا مطلق رمى الحجارة، والمكحلة يرمى عليها بالنفط بواسطة النار، والمنجنيق بواسطة الحبال والرجال على يمين المقلاع" على أنه ورد بشأن هذه المكحلة في نزهة النفوس، ورقة ١٥٠ أ قوله: "في ١٥ الأول ربيع رسم السلطان بنصب المدفع الذي أعد الحصار قلعة آمد، وهو عبارة عن مكحلة نحاس زنتها مائة مائة وعشرون قنطارًا مصريا، وكان نصب هذا المدفع فيما بين القرافة وباب الدرفيل، فرمى إلى جهة الجبل بعدة أحجار مازنته خمسمائة وسبعون رطلا، هذا والسلطان جالس بأعلى سور القلعة يشاهد ذلك، واستمر الرمي بذلك عدة أيام"، هذا ويلاحظ أن هذا الخبر غير وارد فى النجوم الزاهرة.
(٢) ضبط هذا اللفظ على منطوقه في الضوء اللامع ٥/ ٥٣٧، وكان مولده قبل سنة ٧٩٠ هـ بتعز باليمن، وحفظ القرآن وشابه ابن حجر في أنه صلى به وهو ابن ثمانى سنوات، وتتلمذ على أجلة علماء عصره في اليمن والحجاز، ثم رحل إلى دمشق وحلب وحمص وحماة وبعلبك والرملة وبيت المقدس والقاهرة ومصر والإسكندرية، وكانت وفاته سنة ٨٥٩ بمكة.