للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى الثامن من شهر رمضان آغار (١) ..

وفى السادس عشر من شهر رمضان تقدّم إلى جهة الفرات نائبُ طرابلس ونائبُ صفد ونائبُ حماة ونائبُ غزة، وجاء الخبر بأن الجسر عمر وأُتقن، وأَن قَرْقُماس البدوى العاصي أرسل جماعةً ليحرقوه فأُمسِك منهم أكثر من عشرين، وسافر بعدهم نائبُ حلب فى تاسع عشر رمضان، ورحل السلطان وجميع العسكر في ليلة الحادي والعشرين من رمضان، وأذن للقاضيين المالكى والحنبلى فى الإقامة بحلب وسافر صحبته الشافعى، وكان الحنفى استأذنه أن يزور أهله بعينِتَاب فأذن له؛ فلما رحل السلطان من حلب أرسل إليه مرسومًا أن يلاقيه بألبيرة.

وفى رابع عشرى رمضان أغار قَرْقُمَاس البدوى على ابن الأقرع البدوى فقتله واستاق من ماله نحو مائتى بعير، وخرج نائب الغيبة بحلب في طلبه فلم يظفُر به.

وفى يوم الجمعة اجتاز السلطان الجسر المعد على الفرات، واجتاز العسكر بعده (٢) أولا فأولًا فلم يتكاملوا إلى بقية يوم الأحد لكثرتهم، فلما كان الأحد وقت الظهر أذن السلطانُ للقاضيين الشَّافعى والحنفى في الرجوع، فلما سلَّم عليه الشافعى خَيَّرَهُ بين الإقامة بألبيرة أو بحلب، فاختار التوجّه صحبة الحنفى إلى عينتاب ليأكل ضيافته ببلده، ثم يتوجه إلى حلب، فأذن له فى ذلك وأصحبه أميرًا وصحبته خمسةٌ من الرّماة، وتوجها صحبة الأمير


(١) فراغ فى الأصول بقدر ثلاث كلمات، وأمامها فى هامش هـ بخط البقاعى: "أخبرنا القاضى محب الدين المشار إليه أن ساعة شافهه الأشرف بالولاية استنطقه بالولاية وكيفياتها ومجالها وطال استدعاؤه لذلك، وعارضه القاضى كمال الدين البارزى كاتب السر فى بعضه فأجابه السلطان إلى جميع ما سأل فيه فانصرف، ونسى أن يقرأ الفاتحة ويدعو للسلطان، فشكره السلطان بعد ذهابه على حسن استدعائه وتفصيله للأمور وقال: ما ولى عنى أحد ولاية أصبح منه، لكنه لم يدع لى. قال: فلما بلغني ذلك خجلت منه فقلت:
يا أشرفًا بالنصر دام مؤيدًا … عم الورى لما قدمت سرور
ولسان حال الكون أصبح منشدًا … سر حيث شئت فجيشك المنصور
ثم لما ودعناه السفر إلى جهة آمد أنشدته إياهما فسر بذلك وقال: "ماشاء الله"، وقال: والله وجهك حسن وقولك أحسن".
(٢) الوارد فى النجوم الزاهرة ٦/ ٦٩٥ أن السلطان نزل البر الغربى من الجسر - أعنى ناحية حلب - وأمر الأمراء أن تقوى الجسر بأطلابها قبله، ثم يشير بعد ذلك إلى أنه بعد مرورهم جاء السلطان فعبره ونزل قلعة البيرة، وكان ذلك يوم ٢٦ رمضان سنة ٨٣٦؛ ونحن نرجع هنا رواية أبى المحاسن فقد كان شاهد عيان حيث يقول في وصف نزول السلمان على الرها و"وجدناها خرابًا"، أما ابن حجر فقد بقى في حلب واكتفى بمصاحبة السلطان حتى هذه المرحلة من السفرة.