للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها كان الغلاءُ الشديد بحلب وطرابلس حتى بيع المكوك بستمائة درهم، وأُكلت الكلاب وغيرُها، وبيع الشيء الذي كان يباع بدرهم بأَربعين درهما.

* * *

ولما فر السلطان من العقبة اضطرب الناس، فانحدر القاضيان برهان الدين الشافعي وجار الله الحنفى إلى القدس فأَقاما فيه إلى أَن سكنت الفتنة، ثم قدما القاهرة يوم الاثنين سادس عشر ذي القعدة، ورجع أَكثر الرؤساء إلى القاهرة، وتوجَّه بهادر المشرف (١) بمن بقى إلى مكة، أخذت خزائن السلطان فنُهبت، ورجع طشتمر والخليفة وتقيّ الدين بن ناظر الجيش - وكان سافر معهم عوضًا عن أَبيه لضعفه - وبدرُ الدين كاتبُ السر وبدرُ الدين الإخنائي قاضي المالكية والشيخ سراج الدين البلقيني وصُحبتهم حريم السلطان إلى أَن دخلوا القاهرة؛ فلما دخلوا أَنكر طشتمر ما جرى وركب إلى قبة النصر، وأَراد [أَنْ] يسلطن الخليفة فلم يوافَق على ذلك فاقتتلوا معه فانكسر، ثم أُعطى النيابة بدمشق وتوجّه إليها في عاشر ذي القعدة، وجُدِّدت البيعة في ثامن ذى القعدة للملك المنصور.

ثم ثار المماليك الذين أَعانوا الأُمراء على قُتْلِ الأَشرف فطالبوهم بالنفقة التي وعدوهم بها، وهى - على ما قيل - لكل نفرٍ خمسمائة دينار - فماطلوهم فجاهروهم بالسوء، فلما خشوا على أَنفسهم أَمروا بمصادرة المباشرين والتجار ودام ذلك مدة، وكان ما أُخذ من المودَع الحكمي مائتا أَلف دينار على (٢) ما قيل، ومن مثقال الجمالى مئة أَلف دينار (٣)، ومن صلاح الدين [خليل] بن عرّام نحو خمسين أَلف دينار (٤)، وما أُخِذ من الوزير وناظرِ الخاص وغيرِهما من الدواوين جُملٌ مستكثرة، وعمد قَرَطاى إلى الخزائن فأَنفدها في النفقات والهبات، وكان كثيرَ السخاء، وأَنفق على المماليك: كل واحد عن خمسمائة دينار: عشرة آلاف درهم فضة


(١) هو الأَمير سيف الدين بهادر بن عبد الله الجمالى المتوفى سنة ٧٨٦ هـ بعيون القصب، انظر أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١١/ ٢٩٩.
(٢) عبارة "على ما قبل ..... خمسين ألف دينار" في السطر التالي ساقطة من ز.
(٣) الوارد في النجوم الزاهرة ١١/ ١٥١، س ١٨ "مائة ألف درهم".
(٤) الوارد في النجوم الزاهرة ١١/ ١٥١ س ١٢ - ١٣، أنه أحضر من الاسكندرية وصودر وقرر عليه ألف ألف درهم، وهو يطابق ما بالمتن باعتبار الدينار عشرين درهما حسبما قرر ابن حجر ذلك في موضع آخر.