للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث بالشيخونية، وانتفع به الطلبة لانتصابه لشغلهم تبرعًا بالجامع الأزهر، وكان كثير التواضع مشكور السيرة. مات في ربيع الأول بعد علة طويلة.

١٧ - (١) محمد بن علي، الحافظ تقى الدين أبو الطيب الفاسي، ثم المكي المالكي مفيد البلاد الحجازية وعالمها، وُلد سنة خمس وسبعين وسبعمائة، وأجاز له بإفادة الشيخ نجم الدين المَرْجاني ابنُ عوض وابن السّلار وابن المحب وجماعة من الدماشقة، وعنى بالحديث بعد التسعين من جماعة ببلده، ورحل إلى القاهرة والشام مرارًا، وولى قضاء بلده للمالكية، وهو أول مالكى ولى القضاء بها استقلالًا.

وصنَّف "أخبار مكة" وأخبار ولاتها وأخبار من اجتاز (٢) به من أهلها عدة وغيرهم مصنفات طوال وقصار؛ وذيّل على "العبر" للذهبي، وعلى "التقييد" لابن نقطة، وعمل "الأربعين المتباينة" و "فهرست (٣) مروّياته".

وكان لطيف الذات حسن الأخلاق عارفًا بالأمور الدينية والدنيوية، له غورٌ ودهاءٌ ومعرفةٌ وتجربةٌ وحُسنُ عشرةٍ وحلاوة لسان، ويخلب القلوب بحسن عبارته ولطيف إشارته، ورافقنى في السماع كثيرًا بمصر والشام واليمن وغيرها، وكنت أودّه وأعظِّمه وأقوم معه في مهماته، ولقد ساءني موته وأَسفْتُ على فقد مثله، فلله الأمر.

وكان قد أصيب ببصره وله في ذلك أخبار ومكَّن من قدْحه فما أطاق ذلك ولا أفاده، مات في رابع شوال.

١٨ - محمد بن سعيد الصالحي شمس الدين، نسبةً للصالح صالح بن الناصر، وكان سعيد ولى بشير الجمدار، وبشير مولى الصالح فنُسب شمس الدين لمولى مولاه، وكان


(١) أمام هذه الترجمة في هامش هـ "التقي القاسي مؤلف تاريخ مكة".
(٢) في هـ "احتل" بلا تنقيط وفوقها كلمة "كذا".
(٣) أشار الضوء اللامع ٧/ ٣٣ إلى بعض مؤلفاته ومنها "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" و "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" و "الذيل على سير النبلاء" و "الذيل على التقييد" و "مختصر حياة الحيوان الدميرى" وغيرها، وأشار إلى أن أكثر تصانيفه ضاعت وذلك "لاشتراطه في وقفها أن لا تعار لمكي سيما وقد تعدى الناظر بالمنع لغيرهم خوفًا منهم".