ومهما فعل لا يُتَعقَّب، ومن نازعه في شيء أفسد حاله عند ناظر الخاص المتكلّم على البلد، فرفعوا في أمره قصةً تتضمّن هذا وغيره من المفاسد، فعُقد له مجلسٌ بحضرة السلطان، فلما ادُّعِى عليه أنكر فقامت البيّنة بشيء من ذلك فبادر وأسلم وحُكم بإسلامه ولُقِّب محب الدين، وشرط عليه الشافعي أنه متى ثبت عليه شيء مما وقع فيه، أو وقع في حق أحد ممن قام عليه في ذلك رتَّب عليه بمقتضاه وتهدده في ذلك فأذعن والتزم وتوجه إلى دمياط وحسنت سيرته بالنسبة إلى ما كان، والله أعلم بغيبه.
وفيه مُنع الفرنج من حمل الخمر من بلادهم ثم بعد مدة عادوا.
وفيه جُعل على تجار الشام ثلاثة دنانير ونصف إنْ حملوا البهار إلى بلادهم زيادةً على المكس المعهود، ثم بعد سنين بطل ذلك والتزموا بعدَمِ الحَمْل.
وفي الخامس من جمادى الأولى غضب السلطان على فيروز الساقي بسبب أنه تكلم في القاضي الحنفى العينتابي ونسبه إلى أمور معضلة: من تَناوُلِ الرّشوة والحكم بالغرض وتعاطى الأسباب المقيتة، فأراد السلطان الاستثبات من ذلك فأحضر الحنفى وأراد من فيروز أن يواجهه ويحاققه، فخارت قوى الطواشي فاعتذر واستغفر، فاشتدّ غضب السلطان وأمر بأن يُنْفَى أن ضُرب ضربًا شديدًا، ثم شُفع فيه بأن يكون توجهه إلى المدينة الشريفة، فأجاب وتوجه وأقام بها سنةً ثم أذن له في الرجوع.
وفي جمادى الأولى عند نزول الشمس بُرجَ الحمل أمطرت السماء يومين متوالين مطرًا غزيرًا لم يقع نظيره في هذه السنة قبل ذلك.
ووقع في أول يوم من برمودة (١) - والشمس في الحمل - حرٌ شديدٌ وسموم نَظير ما جرت العادة أنه يقع في تموز.
وفيه لبس السلطانُ الأبيض قبل العادة بسبعة وثلاثين يوما لشدّة ما وقع من الحرّ، ثم لم يلبث البرد أن عاد أشد مما كان. واستمر إلى أن مضى عشرون يوما.
(١) أي يوم ١٠ رجب ويعادله الخامس من شهر أبريل سنة ١٤٢٨، انظر في ذلك التوفيقات الإلهامية، ص ٤١٦.