للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحفظ علماء المذاهب الأَربعة فردَّ عليه: "بل بجميع مذاهب السلف"، ومع احتمال ما يقع مِمّن يناظره من الجفاء إلَّا أَنه يكظم غيظه ولا يشفى صدره، ويكرم الطلبة ويُرْفِدُهم بماله، وكان واسعَ الحال جدا لأَنه كان في الأَصل تاجرًا ولم يزل يتكسّب؛ وكان كثير المال.

وكان [هو] مِمَّنْ أَعان علمَ الدين البلقيني على ولاية القضاء وصرْف ولىّ الدين العراقي، لأَن العَلَمَ كان تتلمذ له والعراقى كان يتمشيخ عليه، فأَحبّ أَن يكون رفيقُه مَن يعترف له دون مَن يتعاظم عليه، فأَعان على ذلك بقلبه وقالبه فانعكس الأَمر وندم بعد أَنْ تورّط، وصار يبالغ في الذم في العلَم، ووقفتُ له على خطّة بفُتْيا كتبها في حقهِ بالغ فيها في الحطّ عليه، ثم عوقب بأَن أصيب بولده قبل إكمال الحول من عَزْل العراق، ثم أصيب بنفسه وكذا صنع الله بابن الكُوَيْز فإنه كان الأَصل الكبيَر في هذه الكائنة فلم ينتفع بنفسه بعدها إلَّا قليلًا واستمر موعوكًا ستةَ أشهر إلى أن مات عقب موت العراقى بشهر واحد، ومجتمع الكل عند الله تعالى.

وقد ذكرت في حوادث (١) سنة سبع وعشرين ما اتَّفق له من العزم على الحج ثم تركهِ ذلك ووقوعه من السُّلَّم وتوعكه، فلما أَهلت السنة انتكس وثار به القولنج الصفراوي، فيقال إنه دُسّ عليه السم فمات منه بعد أن حصل له الصرع قدْر شهرٍ وذلك في العشرين من صفر - وأَرّخه (٢) بعضهم المحرم - وقد قارب السبعين؛ واستقر في قضاء الحنابلة بعده محب الدين أحمد بن الشيخ نصر الله التسترى ثم البغدادي، وخُلع عليه في الرابع والعشرين من صفر.

١٣ - فرحة، بنتي، ماتت فى يوم الاربعاء تاسع شهر ربيع الآخر، وكانت حجت في العام الماضي مع زوجها الشيخ محب الدين بن الأشقر فرجعت موعوكةً إلى أَن ماتت عن ثلاثٍ (٣) وعشرين سنة وتسعة أَشهر، عوَّضها الله الجنَّة.


(١) راجع ما سبق ص ٣٣٠.
(٢) عبارة "أرخه بعضهم المحرم وقد قارب السبعين"؛ غير واردة في هـ.
(٣) كان مولدها في رجب سنة ٨٠٤ كما جاء في الضوء اللامع ١٢/ ٦٩٧.