ثم شيخ الأَشرفية ثم الشيخ يحيى شيخ الظاهرية ثم شيخ الشيخونية قارئُ الهداية، ثم صار يحي يجلس خلف السلطان يسأَله عما يريد فهم معناه من المباحث.
وفيها في جمادى الآخرة قدم تونس الأَمير محمد بن أَبى تاشفين عبد الرحمن بن أَبي حمو موسى من بني عبد الواد ويعرف بابن الرّكَاعنة فاستنجد بصاحبها فسار معه أَبو فارس سلطانها إلى تلمسان وجهَّز معه عسكرا، ففر منه عبد الواحد إلى فاس وملكها ابن الرّكاعنة، وقام بدعوة أَبي فارس؛ وكان ما سنذكره سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة.
وفي سابع رمضان ضَرب الأَميرُ الكبيرُ يلبغا المظفَّرى نورَ الدين الطَّنْبدي كبيرَ التجار ضربًا مبرحًا لعنادٍ وقع منه في حقه، فبادر الحاجبُ الكبير واستخلصه من يده،، فأُنهى الأمر إلى السلطان فأَضمر ذلك ولم يظهره، وأَغرى يلبغا زينَ الدين الدميرى بالطَّنْبَدى فادّعى عليه أَنه اشترى منه بستانًا وهو في المصادرة والبستانُ المذكور كان أَبوه وقفه، فعُقد بسبب ذلك مجلس فلم ينفصل لهم أَمر، فلما كان في التاسع والعشرين من شوال قُبض على يلبغا المظفرى وسُجن بالإسكندرية، واستقرّ عوضه الأَمير قُجُقْ بإقطاعه، وزيد من إقطاع يلبغا شيء وقُيِّم بقية إقطاعه بين تغرى برمش نائب القلعة وإينال الجكمي وكان بطَّالًا بالقدس، فأُحضر بالإرسال إليه من القدس، وكان في أَيام المؤيد شاد الشربخاناة، ثم استقر رأسَ نوبة كبيرًا بعد موت المؤيد، ثم تولى نيابةَ حلب مدةً يسيرة ثم قُبض عليه وحُبس، ثم أفرج عنه الملك الأَشرف وأَقام بالقدس بطالا، ثم أَرسل إليه بعد إمساك يلبغا المظفرى، فقدم في نصف ذى القعدة وخلع عليه واستقرّ أَميرَ مجلس عوضا عن إينال النوروزى، واستقر إينال أَمير سلاح عوضًا عن قُجُق الذي استقر عوضًا عن يلبغا.
* * *
وانتهت زيادة النيل في هذه السنة إلى خمسةَ عشر إصبعًا من ثمانية عشر ذراعًا، وكُسر الخليج في ثالث عشرى مسرى، فباشر ذلك محمدٌ بن السلطان ومعه أزبك الدويدار، ثم توقف النيل أياما وارتفع سعر القمح ثم تراخى فشرق غالب البلاد.