للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوقفنا عليه، وأمَرَنا بأن نقرأ ما في نقشه فوجدتُ على الدينار الذي دُفع إلىّ: "ضُرِبَ هذا الدينار في سنة إحدى وثمانين ومائة"، وإذا به قد ضُرب في خلافة الرشيد هرون بن المهدى، وأظن بقية الذهب من ذلك النمط.

وفى ثامن شعبان كُسر الخليج وانتهت زيادة النيل في هذه السنة إلى [ثمانية (١) عشر ذراعا وثلاثة قراريط] وكان فصل الربيع قليل الحر جدا، وتحرك الطاعون في الفسطاط دون القاهرة والإسكندرية وبالصعيد، ثم تحرك بالقاهرة في أول بئونة قليلا ثم ارتفع، وكان الصيف قليل الحر أيضا.

* * *

وفي جمادى الآخرة أُحْدِثَتْ جُمعةٌ بالمدرسة التى أَنشأَها زين الدين عبد الباسط -ناظر الخزانة- جوار منزله، وأَذن له السلطان في إقامتها، فأُقيمت، وبجوارها -بنحو سبعة أبيات- مكان تقام فيه الجمعة عند ابن وفا، وقُرر فيها شيخُ خانقاه بها وهو صاحبنا عز الدين عبد السلام العجلوني (٢)، وذلك في أول يوم عن رجب.

وفيها رُفع إلى القاضي الشافعى أن شخصا يقال له أبو بكر المغزو يدّعى المشيخة ويتكلم على الناس فضبطوا عليه أنه قال "الأنبياء عرايا عن العلم" لقوله تعالى "سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا" ونحو ذلك الأشياء الشنيعة، فمنعه القاضي من الكلام بعد أن عزره بالقول.

وهذا أبو بكر هو أخو شمس الدين رئيس المؤذنين بجامع ابن طولون.

* * *

وفي ذي القعدة مات قرا يوسف التركماني الذي تملَّك توريز وبغداد وغيرهما وخمدت الفتنة بموته جدا.

* * *


(١) فراغ في جميع النسخ بقدر كلمتين وقد أضيف ما بين الخاصرتين بعد مراجعة جدول السنين لهذه السنة في التوفيقات الإلهامية، كما أن أمامها في هامش هـ: "سيأتي أنه انتهى إلى ثماني عشرة ذراعًا وثلاث أصابع".
(٢) هو عبد السلام بن داود بن عثمان السلطي المقدسي، المولود بقرية كفر الماء بين عجلون وحبراض سنة ٧٧٢، وكان قوى الحافظة بصورة عجيبة، وأكثر من السماع على أجلة علماء مصر في شتى الأقطار والمدن، وكان انتقاله إلى القاهرة السكن سنة ٨٠٣، وذكر السخاوى في الضوء اللامع، ج ٤، ص ٢٠٥ ص ١٣ "أن الزين عبد الباسط استقر في مشيخة مدرسته بالقاهرة أول ما فتحت"، وكانت وفاته بالبواسير سنة ٨٥٠ في بيت المقدس.