للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى أواخر ربيع الآخر توجّه مفلح -رسولُ صاحب اليمن - وصحْبَتُه بكتمر السّعدي -مملوك ابن غراب- رسولًا عن السلطان.

* * *

وفى يوم الجمعة ثاني جمادى الأُولى أُقيمت الخطبة بالجامع المؤيّدى ولم يكمل منه الإيوان القبلى، وخطب به عزّ الدين عبد السلام (١) بن أَحمد المقدسي الشافعي نيابةً عن القاضي ناصر الدين البارزى، وتوجّه الصاحب بدْر الدين بن نصر الله -ناظرُ الخاصّ- إلى الشام في عاشر الشهر ومعه محضر بما اتّفق في المؤيدية، وكان ولدُه صلاح الدين حينئد شادًّا بها، ثم قدم فخر الدين الأُستادار من الصعيد ومعه ستة آلاف بقرة وثمانية آلاف رأس غنم وأَلْفا جمل وألفا قنطار قنْد؛ ومن العبيد والإماءِ شيء كثير جدًّا خارجًا عن الذهب، وشرع في رمْي ذلك على الناس، فعمّ الضَّررُ أهلَ البوادي والحواضر، وحصّل في هذه المدة اللطيفة من المال شيئًا كثيرًا أرْصده لمجئ السلطان.

وفى جمادى الأُولى توقف النيل ونقص شيئًا كثيرًا ثم عاد واستمرّت الزيادة، فانحلّ سعرُ القمح بعْد أن غلا.

* * *

وفي جمادى الآخرة صُرف ابن يعقوب عن الحسبة وقُرِّر عماد الدين بنُ بدْر الدين ابن الرشيد المصرى وكان ينوب فى الحسبة عن التاج وغيره، فسعى في الحسبة استقلالًا عند نائب الغيبة والتزم بتعمير البرجين اللذين أحدهما بباب السلسلة تحت القلعة، وقُدِّرت الغرامةُ عليهما خمسمائة دينار فلم يمكن مخالفة الأُستادار في ذلك. وكان ابنُ


(١) أمام اسمه في هامش هـ بخط البقاعي: "عبد السلام هذا هو شيخنا العلامة عز الدين الملطى المعروف بالمقدسي، وربما نسب إلى عجلون، وليس في نسبه من اسمه أحمد إلا أبوه ولا من فوقه، فإنه عبد السلام بن داود بن عثمان بن عبد السلام ابن عباس السعدي شيخ الصلاحية، وتكرر العذر عن ذلك لشيخنا بأنه يعتمد في الأنساب غالبًا على حفظه فيهم والله الموفق، وسيأتى -في سنة إحدى وثلاثين عند حكاية استقراره في تدريس الصلاحية- نسبه على الصواب في موضعين في الحوادث وفي ترجمة البرماوى"، هذا وقد ترجم له السخاوى في الضوء اللامع ٤/ ٥١٤ ترجمة مطولة أشار فيها إلى أنه ولد سنة ٧٧١ أو ٧٧٢ في قرية اسمها كفر الماء قرب عجلون، وكان قوى الذاكرة بصورة عجيبة، وأفتى ودرس، وسمع بكثير من البلاد كالقاهرة ودمياط وإسكندرية وسنباط والقدس وغزة ودمشق والمدينة وغيرها، وكانت وفاته ببيت المقدس بالبواسير سنة ٨٥٠.