للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه همَّ السلطان بتغيير المعاملة بالفلوس وجَمع منها شيئًا كثيرًا جدًّا، وأَراد أَن يضرب فلوسًا جددا وأَن يَرُدَّ سعرَ الفضة والذهب إِلى ما كان عليه في الأَيّام الظاهرية، فلم يزل يأْمر بتنزيل (١) الذهب إِلى أَن انحطَّت الهرجة من مائتين وثمانين إِلى مائتين وثلاثين، والأَفلورى إِلى مائتين وعشرة، وأَمر أَن يُباع الناصريُّ بسعرِ الهرجة ولا يُتعامَل به إِلَّا عددًا، وعَدَّل أَفلوريا من الذهب بثلاثين من الفضة، فاستقرّ ذلك إِلى آخر دولته، ثم كان ما سنذكره في سنة خمس وعشرين.

* * *

وفى هذا الشهر جُرِّدَت طائفةٌ من الأُمراءِ إِلى الصَعيد لقتال العرب المفسدين، وجرِّدت طائفةٌ أُخرى لقتالِ مَن بالوجه البحرى، فرجع المجرَّدون إِلى الوجه البحرى وقَدْ غنموا أَغنامًا وأَموالًا وجمالًا، وحصل لفخر الدين الكاشف من ذلك ما لا يدخل تحت الحصْر حتى كان جملةُ ما حَمَلَه للسلطان في مدّةٍ يسيرةٍ أكثرَ من مائةِ أَلفِ دينار.

وفيه اشتدّ الغلاءُ بالرملة ونابلس وكثر فساد محمد (٢) بن بشارة معاملة صفد.

وفيه كانت وقعةٌ بيْن نائب حلب وكزل، فانهزم كزل وجُرح جماعةٌ من أَصحابه، فاستولي حسين (٣) بن كبك على ملطية فأَسار السيرة بها، وغلب نائب حلب على حميد بن نعير وهزمه وغنم منه مالًا وجمالًا.

وفيه توجّه حديثة بن سيف أَمير آل فضل إِلى الرحبة صحبة نائبها عمر بن شهري وطائفة من عسكر الشام، ففرّ عذرا، وسبى ولدا (٤) على بن نعير فرجع العسكر الشامي، وأَقام حديثة


(١) و هـ "بتنقيص" وفى هـ "بترخيص".
(٢) هو محمد سيف بن محمد بن عمر بن بشارة الذي مات مقتولا في هذه السنة وحشى جلده تبنا، انظر فيما بعد ص ٩٠ س ٧ - ٨، ص ١١٧ حاشية رقم ٥، ترجمة رقم ٣٥، والضوء اللامع ٧/ ٦٦٧.
(٣) هو حسين بن كبك بن حسام التركماني، كان من أبطال التركمان وشجعانهم، وكان مقتله في سنة ٨٢١ هـ بأرزنجان بعد حصار ملطية، انظر هذا الجزء من الإنباء، ص ١٧٩ ترجمة رقم ٩، والضوء اللامع ٣/ ٥٨٦.
(٤) في هـ: "ففر عدرا واستمر والدا على بن نمير"، وفي ز: "فقرر عذرا وسبى ولدا على بن نعير"، ولكن راجع الضوء اللامع ٥/ ٥٠٢.