للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفوض الأَشرفُ نيابةَ سيس ليعقوب شاه - وهو أَول من حكم فيها من ملوك الترك -، ثم استقر عوضه في هذه السنة آقبغا بنُ عبد الله، واستقر نجمُ الدين بنُ الشهيد (١) كاتب السر بها، ثم جُعِلتْ مملكةً برأْسها وسميت "الفتوحات الجاهانية"، وأُضيفت إليها طرسوس وأدنة وأَياس وغيرها، واستقر في إمرتها شرف الدين موسى بن محمد بن شهري (٢) واستمر بها وفيها كائنة الشيخ محمد المقارعي، كان عاميا يقول الشعر ويدعى العرفان، ويجتمع إليه العوام فيتكلم بكلمات فظيعة، فثار عليه جماعةٌ من الحنابلة، وادّعِىَ عليه عند صدر الدين بن العزِّ قاضي الحنفية بدمشق بأَشياء قبيحة تشتمل على الإلحاد والطعن في القرآن والشريعة وإنكار البعث، فشُهد عليه ببعضها فسجن، ثم سعى بعض من تعصب له فنُقِل إلى القاضي أبي البقاء وجُددت عليه الدعوى، فأَجاب بأَنه أَشعري، وأَن من شهد عليه حنبلي، وأَنهم تعصبوا عليه وأَحضروا كتابا (٣) زعموا أَنه من تأليفه وأَنه يشتمل على زندقة، فتأَمله القاضي فذكر أَنه ليس فيه شيء من ذلك ورده إلى السجن، ثم أُخرِج في المحرم من السنة المقبلة وجُدِّدت عليه الدعوى، وشَهد بعض الشهود، ثم آل أَمره إلى أَن حُقِن دمه وأُطلق.

وفيها صادف الحاج سيلٌ عظيم بخُلَيْص (٤) أَتلف شيئًا كثيرًا في الذهاب، ثم صادفهم في الرجعة هواءٌ عاصف، وكان الشعير (٥) في الطلعة قد غلا جدا حتى بيع المكيال بمائة.

وفيها (٦) وقع الغلاءُ بحلب وأَعمالها كنحو ما وقع بمصر.

وفيها كان الطاعون فاشيا بدمشق من شهر رمضان من السنة الماضية، فتزايد في المحرم إلى أَن بلغ خمسمائة ثم تناقص بعد ذلك، ومات به جماعةٌ من الأَعيان، فذكر الشهاب ابن حجي أَن يعقوب الدلال بسوق الخيل أَخبره أَنه رأَى الجن عيانا على خيل كالجراد المنتشر


(١) وذلك نقلا من توقيع الدست بالديار المصرية، راجع تاريخ البدر للعيني، ورقة ٩٢ أ.
(٢) هو سبط الملك المؤيد صاحب حماة وقد ذكر ابن حجر في الدرر الكامنة ٤/ ١٠٣٥ أنه ممن جمع بين السيف) والقلم، راجع ترجمته في وفيات ٧٨٠ من الأنباء وكذلك في المنهل الصافي ٣/ ٣٧٧ وقد ورد في ف "شهيري".
(٣) ويسمى هذا الكتاب "بالمشارع" كما ذكر ابن قاضي شهبة في الإعلام، ورقة ٢٢١ أ.
(٤) اسم يطلق على حصن بين مكة والمدينة وكذلك على قرية قرب مكة، وبها بركة كبيرة كان الحجاج يردونها، انظر مراصد الإطلاع ١/ ٤٧٩ وياقوت: المعجم ٢/ ٣٨٧.
(٥) في ل "السعر".
(٦) ورد هذا الخبر على الصورة التالية في ظ فقط: "فيها كان الغلاء الشديد بحلب" والصورة المثبتة في المتن بقية نسخ المخطوطة.