هوت بي إلى حبها نظرة ... هويّ الفراشة للجاحم
وقال آخر [١] : [من الوافر]
كأنّ مشافر النّجدات منها ... إذا ما مسّها قمع الذّباب
بأيدي مأتم متساعدات ... نعال السّبت أو عذب الثّياب
٨٢٧-[كراع الأرنب]
وقال بعض الشعراء [٢] ، يهجو حارثة بن بدر الغدانيّ: [من الكامل]
زعمت غدانة أنّ فيها سيّدا ... ضخما يواريه جناح الجندب
وزعم ناس أنّه قال: [من الكامل]
يرويه ما يروي الذّباب فينتشي ... سكرا، وتشبعه كراع الأرنب [٣]
قالوا: لا يجوز أن يقول: «يرويه ما يروي الذباب» و «يواريه جناح الجندب» ثم يقول: «ويشبعه كراع الأرنب» .
وإنما [٤] ذكر كراع الأرنب؛ لأنّ يد الأرنب قصيرة، ولذلك تسرع في الصّعود، ولا يلحقها من الكلاب إلّا كلّ قصير اليد. وذلك محمود من الكلب. والفرس توصف بقصر الذّراع.
٨٢٨-[قصة في الهرب من الذّباب]
وحدّثني الحسن بن إبراهيم العلويّ قال: مررت بخالي، وإذا هو وحده يضحك، فأنكرت ضحكه؛ لأنّي رأيته وحده، وأنكرته، لأنّه كان رجلا زمّيتا ركينا [٥] ، قليل الضحك. فسألته عن ذلك فقال: أتاني فلان يعني شيخا مدينيا- وهو مذعور فقلت له: ما وراءك؟ فقال: أنا والله هارب من بيتي! قلت ولم؟ قال: في بيتي ذباب أزرق، كلما دخلت ثار في وجهي، وطار حولي وطنّ عند أذني، فإذا وجد
[١] البيتان بلا نسبة في أساس البلاغة (قمع) .
[٢] البيتان للأبيرد بن المعذر الرياحي في ديوانه ٢٧٣، والأغاني ١٣/١٢٧، والوافي ٦/١٩٣، ولزياد الأعجم في المنتخب ١٢٩، وبلا نسبة في ثمار القلوب ٣٢٥ (٦٠٣) ، والأول بلا نسبة في المقاييس ٣/١٠.
[٣] الكراع: قائمة الدابة.
[٤] ثمار القلوب ٣٢٥ (٦٠٤) .
[٥] الزمّيت: الوقور «القاموس: زمت» . الركين: الرزين. «القاموس: ركن» .