١٩٤٨-[شعر فيه ذكر الضبع]
وأنشد لعبّاس بن مرداس السّلميّ [١] : [من الطويل]
فلو مات منهم من جرحنا لأصبحت ... ضباع بأكناف الأراك عرائسا [٢]
وقال جريبة بن أشيم [٣] : [من الطويل]
فمن مبلغ عنّي يسارا ورافعا ... وأسلم أنّ الأوهنين الأقارب
فلا تدفننّي في ضرا وادفننّني ... بديمومة تنزو عليّ الجنادب [٤]
وإن أنت لم تعقر عليّ مطيّتي ... فلا قام في مال لك الدّهر حالب [٥]
فلا يأكلنّي الذّئب فيما دفنتني ... ولا فرعل مثل الصّريمة حارب [٦]
أزلّ هليب لا يزال مآبطا ... إذا ذربت أنيابه والمخالب [٧]
وأنشد: [من الرمل]
تركوا جارهم تأكله ... ضبع الوادي وترميه الشّجر
يقول: خذلوه حتّى أكله ألأم السّباع، وأضعفها. وقوله: «وترميه الشّجر» ، يقول: حتّى صار يرميه من لا يرمي أحدا.
١٩٤٩-[بقية الكلام في الضبع]
وقد بقي من القول في الضّبع ما سنكتبه في باب القول في الذئب [٨] .
[١] ديوان العباس بن مرداس ٩٤، والحماسة البصرية ١/٥٤، والبرصان ١٦٥، والأغاني ١٤/٣١٥، والأصمعيات ٢٠٦، والمعاني الكبير ٢١٣، ٩٢٧.
[٢] عرائس: جمع عروس، وفي البيت إشارة إلى ما يكون من الضباع من شغفها بركوب القتلى.
[٣] الأبيات لجريبة بن أشيم في البرصان ١٦٣- ١٦٤.
[٤] الضرا: مقصور الضراء، وهو الشجر الملتف في الوادي، وفي البرصان «صوى» ؛ وهي جمع صوة، وهي ما غلظ وارتفع من الأرض. الديمومة: الفلاة.
[٥] كان أهل الجاهلية يؤمنون بالبعث، ولهذا فقد كانوا يعقرون عند القرب مطية؛ ويسمون تلك العقيرة «بلية» ، ليركبها الميت عند بعثه، ومن لم تكن له بلية حشر ماشيا. انظر اللسان ١٤/٨٥- ٨٦. (بلا) ، والمحبر ٣٢٣.
[٦] الفرعل: الضبع. الصريمة: السوداء مثل الليل. الحارب: السالب.
[٧] الأزل: الأرسح الصغير العجز. الهليب: من الهلب، وهو كثرة الشعر. ورواية صدر البيت في البرصان: (أزبّ هلبّ لا يزال مطابقا) .
[٨] لم يف الجاحظ بوعده هذا، إذ لم يفرد بابا للذئب.