واحتج القفال لوجوبه: بأن بقاء القلفة يحبس النجاسة، ويمنع صحة الصلاة، فيجب إزالتها.
وقال الفخر الرازى:«الحكمة من الختان، أن الحشفة قوية الحس، فما دامت مستورة تقوى اللذة عند المباشرة، فإذا قطعت القلفة تصلبت الحشفة فضعفت اللذة، وهو اللائق بشريعتنا تقليلا للذة لا قطعا لها، كما تفعل المانوية، فذلك إفراط وإبقاء القلفة تفريط، فالعدل الختان» . انتهى.
وإذا قلنا بوجوب الختان، فمحل الوجوب بعد البلوغ على الصحيح من مذهبنا، لما روى البخارى فى صحيحه عن ابن عباس أنه سئل: مثل من أنت حين قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«وأنا يومئذ مختون وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك»«١» . وقال بعض أصحابنا: يجب على الوالى أن يختن الصبى قبل البلوغ، والله أعلم.
وقد اختلف فى عام ولادته- صلى الله عليه وسلم-:
فالأكثرون على أنه عام الفيل، وبه قال ابن عباس، ومن العلماء من حكى الاتفاق عليه، وقال: كل قول يخالفه وهم.
والمشهور: أنه ولد بعد الفيل بخمسين يوما، وإليه ذهب السهيلى فى جماعة.
وقيل: بعده بخمسة وخمسين يوما، وحكاه الدمياطى فى آخرين وقيل:
بشهر، وقيل بأربعين يوما.
وقيل: بعد الفيل بعشر سنين وقيل: قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وقيل: غير ذلك.
والمشهور أنه بعد الفيل، لأن قصة الفيل كانت توطئة لنبوته، وتقدمة لظهوره وبعثته، وإلا فأصحاب الفيل- كما قاله ابن القيم- كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم خيرا من دين أهل مكة إذ ذاك، لأنهم كانوا عباد أوثان، فنصرهم الله تعالى على أهل الكتاب نصرا لا صنع للبشر فيه، إرهاصا وتقدمة للنبى الذى خرج من مكة، وتعظيما للبلد الحرام.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٦٢٩٩) فى الاستئذان، باب: الختان بعد الكبر ونتف الإبط.