للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك فى بدنه الشريف أنه لا يتسخ له ثوب، فما اتسخ له ثوب قط، وقال ابن سبع فى «الشفاء» والسبتى فى «أعذب الموارد وأطيب الموالد» : لم يكن القمل يؤذيه تعظيما له وتكريما- صلى الله عليه وسلم- لكن يشكل عليه ما رواه أحمد والترمذى فى الشمائل عن عائشة- رضى الله عنها-: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يفلى ثوبه ويحلب شاته «١» ، ومن لازم التفلى وجود شىء يؤذى فى الجملة، إما قملا أو برغوثا أو نحو ذلك. ويمكن أن يجاب: بأن التفلى لاستقذار وجود ما علق بثوبه الشريف من غيره، ولو لم يحصل منه أذى فى حقه- صلى الله عليه وسلم-، وهذا فيه بحث، لأن أذى القمل هو غذاؤه من البدن على ما أجرى الله العادة، وإذا امتنع الغذاء لا يعيش الحيوان عادة. ونقل الفخر الرازى: أن الذباب لا يقع على ثيابه قط، وأنه لا يمتص دمه البعوض.

وأما الطيلسان- وهو بفتح اللام، واحدة الطيالسة، والهاء فى الجمع للعجمة لأنه فارسى معرب، وهو الساج أيضا، وقال ابن خالويه فى شرح «الفصيح» يقال للطيلسان الأخضر: الساج، وفى «المجمل» لابن فارس:

الطاق الطيلسان- فقال ابن القيم: لم ينقل عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه لبسه، ولا أحد من أصحابه، بل ثبت فى صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان عن النبى- صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر الدجال فقال: «يخرج معه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة» «٢» ورأى أنس جماعة عليهم الطيالسة فقال: ما أشبههم بيهود خيبر.

قال: ومن هاهنا كرهه جماعة من السلف والخلف، لما روى أبو داود والحاكم فى المستدرك أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» «٣» وفى الترمذى:


(١) صحيح: أخرجه أبو نعيم فى الحلية، كما فى «صحيح الجامع» (٤٩٩٦) .
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٩٤٤) فى الفتن وأشراط الساعة، باب: فى بقية من أحاديث الدجال، من حديث أنس، وليس عن النواس بن سمعان- رضى الله عنهم-.
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٠٣١) فى اللباس، باب: فى لبس الشهرة، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٦١٤٩) .