للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحفة وانفلقت، فجمع النبى- صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذى كان فى الصحفة ويقول: «غارت أمكم» ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التى هو فى بيتها، فدفع الصحفة إلى التى كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة فى بيت التى كسرت.

وعند أحمد وأبى داود والنسائى، قالت عائشة: ما رأيت صانعة طعاما مثل صفية، أهدت إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- إناء من طعام، فما ملكت نفسى أن كسرته، فقلت: يا رسول الله ما كفارته؟ قال: «إناء كإناء وطعام كطعام» وعند غيرهم: فأخذت القصعة من بين يديه فضربت بها وكسرتها، فقام- صلى الله عليه وسلم- يلتقط اللحم والطعام وهو يقول: «غارت أمكم» فلم يثرب عليها.

فوسع خلقه الكريم آثار طفحات آثار غيرتها، ولم يتأثر، وقضى عليها بحكم الله فى القصاص. وهكذا كانت أحواله- صلى الله عليه وسلم- مع أزواجه، لا يأخذ عليهن ويعذرهن، وإن أقام عليهن قسطاس عدل أقامه بغير قلق ولا غضب، بل رؤوف رحيم، حريص عليهن وعلى غيرهن، عزيز عليه ما يعنتهم.

قيل: وفى هذا الحديث إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيرى فيما يصدر منها، لأنها فى تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذى أثارته الغيرة. وقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا، «إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادى من أعلاه» «١» انتهى.

وعن عائشة- رضى الله عنها-: أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم- بخزيرة طبختها له، وقلت لسودة- والنبى- صلى الله عليه وسلم- بينى وبينها-: كلى، فأبت، فقلت لها: كلى، فأبت، فقلت لها: لتأكلين أو لألطخن بها وجهك، فأبت فوضعت يدى فى الخزيرة فلطخت بها وجهها فضحك النبى- صلى الله عليه وسلم- فوضع فخذه لها وقال لسودة:


(١) ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٤/ ٣٢٢) وقال: رواه أبو يعلى وفيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وسلمة بن الفضل، وقد وثقه جماعة، ابن معين وابن حبان وأبو حاتم، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد رواه أبو الشيخ فى كتاب الأمثال، وليس فيه غير أسامة بن زيد الليثى، وهو من رجال الصحيح وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.