للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صنعت» قلت: غيبته، قال: «لعلك شربته» قلت: شربته، وفى رواية قلت:

جعلته فى أخفى مكان ظننت أنه خاف عن الناس، قال: «لعلك شربته؟» قلت: شربته، فقال: «ويل لك من الناس وويل للناس منك» . وفى رواية فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «فما حملك على ذلك» قال: علمت أن دمك لا تصيبه نار جهنم فشربته لذلك، فقال: «ويل لك من الناس» «١» .

وعند الدار قطنى من حديث أسماء بنت أبى بكر نحوه، وفيه: ولا تمسك النار، وفى كتاب الجوهر المكنون فى ذكر القبائل والبطون: أنه لما شرب- أى عبد الله بن الزبير- دمه تضوع فمه مسكا، وبقيت رائحته موجودة فى فمه إلى أن صلب- رضى الله عنه-. وأخرج الحسن بن سفيان فى مسنده والحاكم والدار قطنى والطبرانى وأبو نعيم من حديث أبى مالك النخعى عن الأسود بن قيس عن نبيح عن أم أيمن قالت: قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الليل إلى فخارة فى جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أم أيمن قومى فأهريقى ما فى تلك الفخارة» ، فقلت: قد والله شربت ما فيها قالت: فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، ثم قال: «أما والله لا يبجعن بطنك أبدا» «٢» .

وعن ابن جريج قال: أخبرت أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان يبول فى قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره فجاء فإذا القدح ليس فيه شىء فقال لامرأة يقال لها بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة «أين البول الذى فى القدح» قالت: شربته قال: «صحة يا أم يوسف» فما مرضت قط حتى كان مرضها الذى ماتت فيه. ورواه أبو داود عن ابن جريج عن حكيمة عن أمها أميمة بنت رقيقة.

وصحح ابن دحية أنهما قصتان وقعتا لامرأتين وقد وضح أن بركة أم يوسف غير بركة أم أيمن، وهو الذى ذهب إليه شيخ الإسلام البلقينى.

وفى هذه الأحاديث دلالة على طهارة بوله ودمه- صلى الله عليه وسلم-. قال النووى


(١) أخرجه الحاكم فى «المستدرك» (٣/ ٦٣٨) .
(٢) أخرجه الحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٧٠) ، والطبرانى فى «الكبير» (٢٥/ ٨٩) .