للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم- عن بلادهم فقال أحدهم، يا رسول الله، أسنتت بلادنا وهلكت مواشينا، وأجدب جنابنا، وغرث عيالنا، فادع لنا ربك يغيثنا، واشفع لنا إلى ربك، وليشفع لنا ربك إليك.

فقال- صلى الله عليه وسلم-: «سبحان الله!! ويلك، هذا إنما شفعت إلى ربى- عز وجل-: فمن ذا الذى يشفع ربنا إليه؟ لا إله إلا هو العلى العظيم، وسع كرسيه السماوات والأرض، فهى تئط من عظمته وجلاله، كما يئط الرحل الجديد» «١» .

وقال- صلى الله عليه وسلم-: «إن الله عز وجل ليضحك من شفقكم وقرب غياثكم» .

فقال الأعرابى: يا رسول الله، ويضحك ربنا عز وجل؟ قال: «نعم» .

فقال الأعرابى: لن نعدمك من رب يضحك خيرا.

فضحك- صلى الله عليه وسلم- من قوله وصعد المنبر فرفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه، وكان مما حفظ من دعائه: «اللهم اسق بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مربعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل، نافعا غير ضار، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق. اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء» «٢» ، الحديث رواه ابن سعد والبيهقى، ويأتى تمامه- إن شاء الله تعالى- فى الاستسقاء فى مقصد عباداته- صلى الله عليه وسلم-.

وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد بنى أسد «٣» ، عشرة رهط فيهم وابصة بن معبد، وطلحة بن خويلد، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- جالس مع أصحابه، فقال متكلمهم: يا رسول الله إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك ولم تبعث إلينا بعثا.

فأنزل الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «٤» .


(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٦/ ١٤٣) .
(٢) أخرجه ابن سعد فى «الطبقات الكبرى» (١/ ٢٩٧) .
(٣) انظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (١/ ٢٩٢) ، و «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٦٥٤) .
(٤) سورة الحجرات: ١٧.