للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا؟ فقالوا: هذا غلام من بنى هاشم يزعم أنه رسول الله. قال قلت: من هذا الذى يفعل به هذا؟ قالوا: هذا عمه عبد العزى.

قال: فلما أسلم الناس وهاجروا، خرجنا من الربذة نريد المدينة نمتار من تمرها، فلما دنونا من حيطانها قلنا: لو نزلنا فلبسنا ثيابا غير هذه، فإذا رجل فى طمرين له فسلم وقال: من أين أقبل القوم؟ قلنا: من الربذة، قال: وأين تريدون؟ قلنا: نريد المدينة، قال: ما حاجتكم فيها؟ قلنا: نتمار من تمرها، قال: ومعنا ظعينة لنا، ومعنا جمل أحمر مخطوم، فقال: أتبيعون جملكم هذا؟ قالوا: نعم بكذا وكذا صاعا من تمر، فأخذ بخطام الجمل فانطلق، فلما توارى عنا بحيطان المدينة ونخلها قلنا: ما صنعنا، والله ما بعنا جملنا ممن نعرف ولا أخذنا له ثمنا. قال: تقول المرأة التى معنا: والله لقد رأيت رجلا كأن وجهه قطعة القمر ليلة البدر، أنا ضامنة لثمن جملكم. وفى رواية ابن إسحاق قالت الظعينة: فلا تلاوموا، لقد رأيت وجه رجل لا يغدر بكم، ما رأيت شيئا أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه، إذ أقبل رجل فقال: أنا رسول رسول الله إليكم، هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا، فأكلنا حتى شبعنا، وأكلنا واستوفينا، ثم دخلنا المدينة، فلما دخلنا المسجد إذا هو قائم على المنبر يخطب الناس فأدركنا من خطبته وهو يقول: «تصدقوا فإن الصدقة خير لكم، اليد العليا خير من اليد السفلى» .

وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد تجيب «١» ، وهم من السكون، ثلاثة عشر رجلا، قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التى فرض الله عليهم، فسر عليه السّلام- بهم وأكرم منزلهم، وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم، ثم جاؤا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يودعونه فأمر بلالا فأجازهم بأرفع مما كان يجيز به الوفود.

قال: «هل بقى منكم أحد؟» قالوا: غلام خلفناه على رحالنا وهو أحدثنا سنّا، قال: «أرسلوه إلينا» فلما أقبل الغلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا


(١) بضم التاء وفتحها، بطن من كندة، وانظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (١/ ٣٢٣) ، و «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٦٥٠) .