للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النعمان: وكنت فى آخر من خرج، فنظرت: وما أفقد موضع تمرة من مكانها «١» .

وفد دوس «٢» : وكان قدومهم عليه- صلى الله عليه وسلم- بخيبر. قال ابن إسحاق:

كان الطفيل بن عمرو الدوسى يحدث أنه قدم مكة ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- بها، فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا، فقالوا له: إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذى بين أظهرنا فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر، يفرق بين المرء وابنه وبين المرء وأخيه، وبين الرجل وزوجه، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمه ولا تسمع منه.

قال: فو الله ما زالوا بى حتى أجمعت ألاأسمع منه شيئا، ولا أكلمه، حتى حشوت فى أذنى حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغنى شىء من قوله.

قال: فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قائم يصلى عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبى الله إلا أن يسمعنى بعض قوله: فسمعت كلاما حسنا، فقلت: واثكل أماه. والله إنى لرجل لبيب شاعر، ما يخفى على الحسن من القبيح، فما يمنعنى أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان ما يقول حسنا قبلت، وإن كان قبيحا تركت.

قال: فمكثت حتى أتى- صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، فتبعته حتى إذا دخل بيته فقلت: يا محمد إن قومك قد قالوا لى كذا وكذا، فو الله ما برحوا يخوفونى أمرك حتى سددت أذنى بكرسف ألاأسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعنيه، فسمعت قولا حسنا، فاعرض على أمرك.

فعرض على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الإسلام، وتلا على القرآن، فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة


(١) حسن: أخرجه أحمد فى «المسند» (٥/ ٤٤٥) بسند حسن.
(٢) انظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (١/ ٣٥٣) ، و «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٦٢٤) .