للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يدل على أنه من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد- صلى الله عليه وسلم- ونبىء وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى يخرج وقت خروجه الذى قدر الله خروجه فيه فهو أولهم خلقا.

لا يقال: يلزم خلق آدم قبله، لأن آدم كان حينئذ مواتا لا روح فيه، ومحمد- صلى الله عليه وسلم- كان حيّا حين استخرج ونبىء وأخذ منه الميثاق، فهو أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا.

فإن قلت إن استخراج ذرية آدم منه كان بعد نفخ الروح فيه، كما دل عليه أكثر الأحاديث، والذى تقرر هنا: أنه استخرج ونبىء قبل نفخ الروح فى آدم- عليه السّلام-.

أجاب بعضهم: بأنه- صلى الله عليه وسلم- خص باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الروح. فإن محمدا- صلى الله عليه وسلم- هو المقصود من خلق النوع الإنسانى، وهو عينه وخلاصته وواسطة عقده.

والأحاديث السابقة صريحة فى ذلك، والله أعلم «١» .

وروى عن على بن أبى طالب- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لم يبعث الله تعالى نبيّا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد فى محمد- صلى الله عليه وسلم- لئن بعث، وهو حى، ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذ العهد بذلك على قومه.

وهو مروى عن ابن عباس أيضا ذكرهما العماد بن كثير فى تفسيره «٢» .

وقيل: إن الله تعالى لما خلق نور نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- أمره أن ينظر إلى أنوار الأنبياء عليهم السلام، فغشيهم من نوره ما أنطقهم الله به فقالوا: يا ربنا، من غشينا نوره؟ فقال الله تعالى: هذا نور محمد بن عبد الله، إن آمنتم به جعلتكم أنبياء، قالوا: آمنا به وبنبوته فقال الله تعالى: أشهد عليكم؟

قالوا: نعم. فذلك قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ


(١) قلت: إلا أنه لا توجد أحاديث صحيحة على ما يقول، ولا حجة فيها.
(٢) قلت: انظر تفسير ابن كثير عند تفسيره لسورة آل عمران، الآية: ٨١.